وأحس من أبى الفتح ابن عناز بعمل على الهرب والانصراف. فقال للظهير ابى القاسم وأهله:
- «احفظوا لى أبا الفتح ولازموه ولا تفارقوه لئلا يخاتلنا ويتركنا لأننى [1] أعول على النصرة به، ولكنه متى رجع فلنا وكسرنا وأطمع عدونا.» فلازمه الظهير وهجم أبو جعفر لما ضاق به الأمر على البيوت وعلا على تل كان فى وسطها وعرف أبو الحسن ابن مزيد ذلك وقد كان ملك مضارب أبى جعفر ونزل وصلى فى أحدها شكرا لله تعالى على الظفر. فركب وقصده وحمل حملة نكس فيها نفرا من غلمان دار أبى جعفر وداسهم بحوافر خيله حتى سطح رؤوسهم ووجوههم وخلطها بأجسادهم واستظهر كل الاستظهار.
وثبت أبو جعفر وحمل حملات متتابعة وطرح النار فى بعض البيوت وحمل فى أثر ذاك فانهزم ابن مزيد وملكت حلله وبيوته وأمواله وذلك فى يوم السبت لثمان بقين من [85] ذى القعدة.
قال الحاجب أبو طاهر:
ونهب أصحابنا ذلك فأخذوا من العين والورق والحلي والصياغات والثياب الشيء الذي تجاوز الحصر وأرسل أبو جعفر إلى أبى على ابن ثمال: بأنك أحق بالنساء [2] والحرم فاحرسهن وامنع العجم منهن.
فتشاغل أبو على بجمعهن إلى بيوت أفردها لهن ولم يتعرض لشيء من النهب على وجه ولا سبب.
واستغنى الشاذنجان والجاوان ومن حضر من بنى خفاجة بما حصل من الغنائم وامتلأت أيدى الجميع وحقائبهم بالمال والجلال من الأثاث وانكفأ أبو جعفر إلى النيل.
وقد كان أبو الحسن على ابن كوجرى لما رأى بنى شيبان عائدين
Страница 489