هذا الرجل من أولاد العمال وكان أول أمره مرتسما بالكتابة وكتب بين يدي أبى اسحق ابراهيم بن هلال الصابى جدى مدة فى أيام حداثته ثم تأتى له من المعيشة بالشعر ما عدل إليه وعول عليه وكان أكسب له مما كان متشاغلا به.
وتفرد بفن من السخف لم يسبقه إليه سابق وكان مع تعاطيه هذه الطريقة مطبوعا فى غيرها. وقد اختار الرضى أبو الحسن الموسوي من شعره السليم قطعة كبيرة فى غاية الحسن والجودة والصنعة والرقة. ولم يزل أمره يتزايد وحاله تتضاعف حتى حصل الأموال وعقد الأملاك وصار محذور الجانب متقى اللسان مخشى التسكر مقضي الحاجة مقبول الشفاعة.
وحمل اليه صاحب مصر عن مديح مدحه به ألف دينار مغربية على سبيل الصلة وشعره مدون مطلوب فى البلاد. ووجدت له رقعة الى أبى اسحق جدى قد صدرها بأبيات فاستحسنت مذهبه فيها [67] ونسختها لذاك وهي:
«فداك الله بى وبكل حى ... من الدنيا دنى أو شريف
يحل لك التغافل عن أناس ... تولوا ظلم خادمك الضعيف
ولست بكافر فيحل مالي ... ولا الحجاج جدى من ثقيف
فمر بدراهمي ضربا وإلا ... جعلت سبال قوفا فى الكنيف
قوفا هو أبو الحسن محمد بن الهمانى.
«هوذا يبلغ هؤلاء السفل منى مرادهم إضرارا بى أطال الله بقاء سيدنا ويدفعون عن إزاحة علتى عنادا وقصدا. وو الله لو كان مكان هذه الدريهمات ارتفاع بادوريا [1] ما داهنتهم ولا داجيتهم ولا احتملتهم.
Страница 469