وهنا يستطيع السيكلوجي أن يجد في هذا الشوق إلى الريف «هروبية» كأني قد انهزمت أمام الصعاب المدنية والثقافة العصرية المتقلقلة. وأنا لا أحلل هنا. ولكني لا أحب أن تكون هذه السنوات الخمس الأخيرة من العقد السابع آخر العمر لأني ما زلت أطمع في تجديد البرنامج عشر سنوات أخرى، بل وعشر أخرى. فإن الشباب في الثمانين والتسعين لم يعد أمنية بعيدة إذ هو حقيقة راهنة في مئات من الذين عنوا بثقافة الذهن وثقافة الجسم معا.
من 1947 إلى 1957
الصفحات السابقة وهي كتاب «تربية سلامة موسى» في طبعته الأولى تركتها على أصلها لم أغير فيها منذ كتبتها في 1947.
أما الصفحات التالية فقد كتبتها في سنة 1956 و1957.
عشر سنوات
عشر سنوات مضت منذ كتبت ونشرت الصفحات السابقة. وقد حدثت في هذه المدة أحداث داخلية وخارجية تستحق التدوين لما لها من خطورة وطنية أو عالمية وذكريات سارة أو أليمة.
فأما أحداثنا الداخلية فأكبرها ثورة 1952 وطرد فاروق وإعلان الجمهورية ثم تأميم قناة السويس في 1956 بعد إجلاء الجيش البريطاني عن الوطن.
وأما الأحداث الخارجية فكثيرة. كان أعظمها بلا شك الانقلاب الاشتراكي في الصين. ثم التقدم العلمي في اختراع القنبلة الهيدروجينية، ثم الأقمار الصناعية التي يدور منها اثنان حول الكرة الأرضية، وأنا أكتب الآن هذه الكلمات في نوفمبر من 1957.
بلادنا تغيرت والدنيا تغيرت.
فإننا منذ تبوأ صلاح الدين الأيوبي عرش مصر في 1176 إلى نهاية حكم فاروق في 1952 لم نعرف ملكا أو سلطانا عربيا أو مصريا؛ إذ كانوا كلهم أتراكا أو أكرادا. وقد دمروا مصر تدميرا كاد يكون كاملا.
Неизвестная страница