Воспитание и образование в исламе
التربية والتعليم في الإسلام
Жанры
نظراتهم إلى الألوهية وما يتعلق بها؛ فإنهم كانوا قوما مؤمنين بإله واحد قاهر نافع ضار، ولكنهم كانوا يشركون به، كما كان يشرك السومريون والمصريون واليونان والآشوريون فيعبدون آلهة متعددين شاركوا الإله الأعظم في ألوهيته. وقد اختلف العرب في هؤلاء الشركاء اختلاف تلك الأمم، فبعضهم جعل شركاءه الملائكة، وبعضهم جعلهم الشياطين والمردة، وبعضهم جعلهم الشمس والقمر والكواكب، وبعضهم جعلهم الأصنام والتماثيل. ولم يكن العرب متساوين في شركهم؛ فقد كان للعقلاء والخاصة اعتقاد يخالف اعتقاد العامة والبدو؛ فالأولون كانوا يعتقدون بأن الله هو المعبود وأن شركاءه ليسوا إلا وسائط بينهم وبينه، والعامة يعتقدون غير ذلك.
ومهما يكن من أمر فإنهم لم يكونوا غارقين في جهالة وحمق وضلالة من حيث نظرتهم إلى الخالق الأعظم، وهذا يدل على سموهم الفكري وتقدمهم في بحث فكرة الألوهية.
ثانيا:
تفوقهم اللغوي العجيب؛ فإن من يدرس لغتهم بنحوها وصرفها واشتقاقاتها وعروضها وفنونها البلاغية، يرى أنهم قد بلغوا درجة رفيعة في الرقي اللغوي. وكلنا يعرف أن اللغة العربية هي إحدى اللغات التي سموها «سامية»، وأنه على الرغم من أن هذه اللغات كلها قد تولدت من أم واحدة في عصور متباعدة، فإنها تختلف اختلافا كبيرا فيما بينها، كما تختلف رقيا وفصاحة، ولا ريب في أن أخصها وأرقاها هي اللغة العربية كما تشهد بذلك أبحاث العلماء اللسانيين.
ثم إن أقدم النصوص العربية الفصيحة التي عثر عليها ترجع إلى فترة تمتد من القرن الثالث إلى القرن الخامس للميلاد، وهذه النصوص هي الشعر «الجاهلي»، والحكم «الجاهلية». ولكن من يدقق في هذه النصوص يجدها كاملة مهذبة، ذات نحو متسق، وصرف منتظم، وقواعد عروضية وبيانية وشعرية راقية؛ فلا شك إذن في أن العربية قد مرت قبل ذلك بأدوار وأطوار حتى بلغت هذا الكمال والاتساق في القرن الثالث الميلادي، ولا شك أيضا في أن هذا الكمال والرقي اللغوي والأدبي دليل على الرقي العقلي والثقافي.
ثالثا:
رقي مستواهم العلمي والأدبي، وعدم صحة النظرية الشائعة القائلة بأنهم كانوا أمة أمية منحطة، وأنهم جماعات بداة حفاة، وأقوام قساة عتاة، يعيشون في الصحراء أو شبه الصحراء، وأنهم قوم لا حضارة لهم، ولا مدنية عندهم، وأن غاية ما لهم من المعرفة هو بعض الأقوال المنظومة أو المنثورة التي صقلت بعد الإسلام وكثير منها منحول مدسوس، وأن الجهل والأمية كانا متفشيين بينهم، وأن الإسلام لما جاء لم يكن بينهم في مكة - وهي عاصمتهم الكبرى - إلا سبعة عشر كاتبا، وأن اليمن كلها لم يكن فيها كاتب واحد.
2
وهذه الأقوال على الرغم من تناقضها وتهافتها لا تستند إلى حقيقة علمية، ولا تثبت أمام المناقشة المنطقية؛ فلا يعقل أصلا أن يكون في العرب فصحاء وخطباء وشعراء إذا لم يكن فيهم عدد كبير من الكتاب المثقفين ذوي المستوى العلمي الحسن، والتفكير المنطقي المعقول، والذوق الفني الراقي. ثم إن القول بأميتهم قول خاطئ لا ينطبق على الواقع وتنقضه نصوص موثقة قديمة وأدلة علمية حديثة. أما النصوص القديمة فأجلها القرآن؛ فإن ما فيه من الآيات الكثيرة التي تذكر الكتاب والكتابة، وأدوات الكتابة، والصحف والسجل، والمداد، والقلم، وما إلى ذلك مما يتعلق بالخط والأقلام لدليل على ما نقول، حتى إن الأستاذ الفاضل عزة دروزة قد أحصى كلمات الكتابة ومشتقاتها في القرآن فوجدها تسعين كلمة ونيفا بأساليب متنوعة. وقد علق على هذا الإحصاء بقوله: «فورود هذه الآيات الكثيرة في القرآن تحتوي أسماء وسائل وأدوات الكتابة والقراءة، وتحتفي بالقراءة والكتابة هذه الحفاوة الكبيرة دليل راهن على أن العرب في بيئة النبي وعصره قد عرفوا تلك الوسائل واستعملوها، وعلى أن القراءة والكتابة فيهم كانتا منتشرتين في نطاق غير ضيق ...»
3
Неизвестная страница