وبالحلال منهجه، اقتداء مني بقول الله ﷿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ.
ولن نطيل في وصف النبيذ وذكر فوائده فهي تكرار لما ورد في رسالة مدح النبيذ ووصف اهله ولكننا نتوقف عند مسألتين لم تردا هنا هما انواع النبيذ، وتحليله. وبذلك تكون الرسالتان متممتين بعضهما البعض، ويكون الجاحظ كما عهدناه في جميع آثاره جامعا بين علم الكلام والأدب. ان الموضوع في الرسالتين واحد وهو النبيذ، وقد طرقه الجاحظ من الناحية الكلامية في رسالة الشارب والمشروب وطرقه من الناحية الأدبية في رسالة مدح النبيذ وصفة اهله.
.. ان انواع النبيذ كثيرة اهمها الترش شيرين، والسكر، والمسجور والبتي، وهي انواع رديئة لأن الاول يسبب الريح والحموضة، والثاني مر، والثالث والرابع كدران يسببان الحكة.
اما الانواع الحسنة فهي تفتح العروق، وتلذ القلب وتساعد المعدة على الهضم وتغسلها، وتعين الكبد، وتحمر الجلد وتولد الشجاعة والسخاء وتمنع القر. اهمها نبيذ الزبيب الحمصي والعسل الماذي، ونبيذ العنب المعصور، والنبيذ المصري، ونبيذ الاهواز، والدوشاب البستاني، والمعتق، ونبيذ الجزر، ونبيذ المشمش، ونبيذ التين، والنبيذ المروق والغربي والفضيخ.
قلنا ان موضوع الرسالة الاساسي هو مسألة تحليل النبيذ. والجاحظ يذهب الى ان الشرع لم يحرمه ويقدم على ذلك الحجج التالية:
اولا: ان النبيذ غير الخمر. والشارع حرم الخمر فقط ولم يحرم النبيذ. والادعاء ان جميع الاشربة خمر يدل على الجهل والخلاعة. «وقد يكون الشيء من جنس الحرام، فيعالج بضرب من العلاج حتى يتغير بلون
1 / 50