Египетские и западные переводы
تراجم مصرية وغربية
Жанры
أسلم أنطونيو نفسه للشراب ليله ونهاره آملا أن ينسيه الشراب هم انكساره، وظل في شرابه حتى علم أن أكتاف آت من طريق سوريا لغزو مصر وأكبر همه أن يطفئ حياة ابن قيصر وكانت مشابهته لأبيه أكبر شهيد على اغتصاب ابن عمه عرش روما، وأخذ أنطونيو قيادة جيوش مصر لكن الحظ إذا عثر لج به العثار، فانهزم أنطونيو فعاد إلى قصر كليوباترة وأمر أحد عبيده أن يقتله، فأمسك العبد الخنجر وتظاهر بطعن سيده ثم طعن نفسه فهوى فأصغر ذلك أنطونيو في عين نفسه فقضى عليها بأن ألقى بنفسه على النصل وذهب يعالج آلام الاحتضار يسلكها سبيلا لراحة الموت، وقضى بين ذراعي محبوبته الفاتنة، فبكته أحر بكاء ثم دفنته في القبر الذي شادته حين هجرها، وبالغت في الحزن عليه لما أحست من سوء ما أعد لها القدر من مصير بعده.
ودخل أكتاف الإسكندرية ظافرا وكل همه أن يقضي على ابن عمه الذي فر من وجهه وحاولت كليوباترة أن تلعب به كما لعبت من قبله بقيصر وبأنطونيو، وفي سبيل أبنائها وفي سبيل ملك قيصرون لم تكن لتعنى بشيء أو تتورع عن شيء، وبرغم حزنها على أنطونيو وجزعها على مصيرها ومصير أبنائها ولزومها القبر تقضي فيه وقتها باكية مكتئبة فقد ظفر أكتاف منها بساعات حديث شهي، وكان كل همه أن يأخذها إلى روما وأن تسير في حفلات نصره ليرضي بذلك شهوة انتقامه وانتقام أخته منها، وليقدم للشعب الروماني منظرا تبتهج له قلوب الشعوب، منظر ذل العزيز، وعرفت هي هذا فثارت في عروقها كل دماء البطالسة فراعنة مصر الأعظمين، لكنها لم تكن قادرة إلا على نفسها، وكانت قدرت هذا المصير ووطنت عليه نفسها وأوصت خادما من أتباعها أن يحضر لها ثعبانا في فاكهة طعامها يوم تشير له إلى جبينها، وأشارت على هذا الجبين المصقول يوم أيقنت أن أكتاف غريمها يريد أن يذلها، ونزعت التين واحدة بعد واحدة ثم أمسكت الثعبان فوضعت فمه في ثديها ليبعث إليها الموت من خلاله، وكم بعث هذا الثدي الحياة إلى أبنائها وإلى الذين أنعمت عليهم الآلهة بالمتاع بها.
وكان معها خادمتاها إيراس وشارميون فشاركتاها مصيرها بعدما حلتاها بكل حلي ملكها الذي تحطم، والذي حاربت حتى المقادير في سبيل عزه ورفعته منذ مولدها إلى مماتها (من سنة 69 إلى سنة 30 قبل الميلاد).
ويومئذ ذهبت إلى بارئها أرواح كثيرين من عشاق فاتنة التاريخ، ويومئذ انطفأ نجم كان منيرا في سماء الجمال والذكاء والقوة والنشاط، وانطفأ معه سراج أسرة البطالسة كما انطفأ من مجد مصر حظ عظيم.
الخديو الأول إسماعيل باشا
لئن صح أن كان لولاية محمد علي حكم مصر أثر مباشر في تاريخها الحديث، وصح أن كان لشق قناة السويس أثر مباشر كذلك في توجيه هذا التاريخ وجهة خاصة، فالذي لا ريب فيه أن أكبر الأثر الذي خضعت وما تزال تخضع له مصر حتى الآن إنما ترتب على حكم إسماعيل باشا، فأكبر مظاهر الحضارة التي تراها اليوم في مصر يرجع إليه: إليه يرجع فضل إنشاء السكك الحديدية وتنظيم البريد، وله الفضل الأول في النظام القضائي القائم في مصر حتى اليوم، وله أكثر من ذلك كله الفضل الأكبر في شعور الأمة المصرية بقوميتها وبكيانها، ثم إن عليه تبعة الارتباك السياسي الذي لا تزال مصر تجاهد بكل قواها للخروج منه، وتبعة الاضطراب المالي الذي شل حركة البلاد سنوات طويلة وهو ما يزال إلى اليوم باقي الأثر، وعليه أكثر من ذلك كله تبعة تسليم البلاد ماليا واقتصاديا وسياسيا إلى أيدي الأجانب.
فهذه الستة عشر عاما التي رأته على عرش مصر (من سنة 1863 إلى سنة 1879) والتي شهدت من مظاهر النشاط المعمر، ومن فضائح الظلم المخرب، ومن البذخ والإسراف اللذين لا يعرف التاريخ ولا تعرف الأقاصيص لهما نظيرا، والتي انتهت بسقوط عاهل مصر العظيم بعد أن جاهد أمته فأجهدها، وبعد أن جاهد أوربا فأخضعته لها، وبعد أن جاهد القدر فهوى به عن عرشه وأخرجه من مصر حسيرا ينظر إلى شواطئها تبتعد عنه بعين دامعة وقلب كسير، هذه الستة عشر عاما هي التي جرت إلى مصر مظاهر الحضارة الأوربية، وهي التي جرت على مصر الخراب، وهي التي أيقظت في شعب مصر الروح الاستقلالية التي لم ينسها يوما من الأيام، وهي التي أججت في نفوس المصريين نيران كراهية الاستعباد والظلم والحرص على الحرية والعدل.
ولم يكن عجيبا أن تترك هذه الأعوام الستة عشر في مصر كل هذا الأثر وإسماعيل باشا كان حاكم مصر المطلق، فقد كان بشخصه بطلا من أبطال الأقاصيص، وكانت أيام حكمه أسطورة لا يسلم العقل بها لو رواها التاريخ عن عصر قديم، كان إسماعيل ساحرا أعظم السحر، ذكيا أشد الذكاء، وسيم الطلعة حاد النظرة ماضي العزيمة جذابا لكل من اتصل به، وكان مع ذلك قصير النظر شرها في كل مطامعه وشهواته مغامرا في سبيلها مجازفا لا يهون منها أي حذر، وكان فيه من دم محمد علي إقدام لا يعرف التردد، وبطش لا هوادة فيه، وقسوة لا يتسرب إليها أمل في رحمة، وكانت هذه الصفات كلها بالغة منه فوق ما تبلغه من أذكياء الناس والباطشين منهم، ثم إنه كان مولعا أشد ولع بالمظاهر الاجتماعية للحضارة الأوربية، وإن غاب عنه الجانب المعنوي منها، وهو الجانب الذي يحركها ويمدها بكل ما فيها من قوة؛ لذلك سخر ذكاءه وإقدامه ليجعل لعرش مصر مظاهر العروش الأوربية، وليكون قصره كقصر لويس الرابع عشر إن لم يكن أبهى منه وأزهر، وليقول عن مصر إنها أصبحت قطعة من أوربا، وفي سبيل ذلك أنشأ كثيرا وخرب كثيرا وأثقل كاهل مصر بدين ما تزال تنوء إلى اليوم به، وما تزال تحتمل بسببه نقصا في سيادتها وذبولا في استقلالها وعزتها.
ولد إسماعيل بن إبراهيم بن محمد علي بمصر في 31 ديسمبر سنة 1830 وتربى في المدرسة التي أنشأها جده محمد علي باشا بالقصر العالي، ثم أوفده جده لما بلغ السادسة عشرة من عمره مع طائفة من الشبان إلى باريس حيث التحق فيها بمدرسة أركان حرب
L’ecole de l’etat major
Неизвестная страница