Биографии известных людей Востока в девятнадцатом веке (часть первая)
تراجم مشاهير الشرق في القرن التاسع عشر (الجزء الأول)
Жанры
ومما يذكره الإنكليز من علائقه الحسنة بإنكلترا زيارته الهند سنة 1885 لحضور المجلس الأعلى «دربار» الذي عقد في روال بندي في شمالي الهند الغربية على أثر المؤتمر الذي تشكل يومئذ من روسيا وإنكلترا بشأن الحدود الشمالية لأفغانستان بعد احتلال روسيا لمرو، وقد جرى أمير الأفغان في هذا الأمر على مقتضى مصلحة الإنكليز فأكرموه واحتفلوا باستقباله في روال بندي احتفالا شائقا على النمط الشرقي، وقدموا له سيفا مرصعا، وفي (ش
13-5 ) صورته في أثناء ذلك الاحتفال. (2-3) حياته في بيته
اطلعنا على رسالة للدكتورة هملتن طبيبة بيت الأمير عبد الرحمن نقتطف منها ما يأتي تتمة لما ذكرناه من مناقب هذا الأمير، قالت:
اعتقاده في النساء:
لم أسمعه يتكلم عن زواجه إلا قليلا، وكان ذلك بمناسبة ذكر زواجه الأول الذي تم وله من العمر ثمانية عشر عاما، فقد قال لي: «قد يتزوج الرجل غير مرة لأسباب تدعوه إلى ذلك، ولكن قلبه لا يعرف إلا زوجة واحدة وتلك زوجته الأولى»، وقال لي إنه لكي يكاتب خطيبته الأولى ويراسلها تعلم الكتابة والقراءة؛ فلهذا يجل تذكارها ويقدس أيامها؛ فقد اقتطفت المنون زهرة شبابها في نضرة عمرها، وهي بنت عمه الأمير محمد أعظم خان، وأقول: إنها لو كانت كأفراد العائلة فإنها تستحق الشهرة التي نالتها في اللطف والجمال.
وفي السنوات الأخيرة لم يكن يحفل الأمير بالنساء، ولا يسمح لهن بحضور مجلسه إلا في القليل النادر، وإذا سمح لهن بذلك فإنما يعاملهن كما يعامل الأطفال الصغار لا كما يستحق أن يعامل من في يده تربية الناشئة الجديدة، والحق يقال إن تربية النساء الأبناء ليست موكولة هناك إلى الأمهات؛ إذ لا يكاد يقدر أحد أنجال الأمير على المشي حتى يسلم إلى المعلم يتولى تربيته ويبقى تحت رعايته حتى يصير رجلا، وأتذكر أنني أبديت له استغرابي من هذه الطريقة، فقال: «ليت شعري كيف يكون حال أولادنا لو تركناهم إلى تربية نسائنا؟ وكيف ينشأ الولد الذي يتربى بين أحضان هاته النسوة!» ولما قلت له: إن النساء الإنكليزيات يتولين تربية أبنائهن في زمن الصغر حتى يقدرن على الذهاب إلى المدرسة، تبسم، وقال: «كيف يمكنك أن تقارني بين سيدة أوربية وسيدة شرقية؟!» ولم أقدر على إقناعه بأن نساء الأفغان إذا تعلمن وتربين وأطلقت لهن الحرية، أصبحن كنساء أوروبا؛ لأنه كان يرى أن الزمن لم يأت لهذه الحركة، وأن نساء الأفغان لا يصلن إلى درجة المرأة العربية حتى قال ذات مرة: «أي دليل أظهره نساؤنا على رغبتهن في التعليم أو ميلهن إلى المعارف؟! هل طلبن منك أن تعلميهن شيئا من الأعمال التي تقومين بها؟ ألا يحتقرنك ويرين علمك ومعارفك من سقط المتاع؟! ألا يتحسرن عليك بدلا من أن يغبطنك؟!» فلم أقدر على الجواب، ولكني لا أزال أعتقد أنه لو مهد لهن سبيل التعليم، وأطلقت لهن حرية الفكر، فإنهن يترقين شيئا فشيئا.
شكل 13-5: الأمير عبد الرحمن بلباسه الرسمي.
اعتقاده في الدين:
جمع الأمير عبد الرحمن في صفاته الأخلاق المتضادة؛ فبينما تظنه متمسكا بعادات قومه وعقائد شعبه تراه يبدي لك رأيا أو يبرهن لك قضية لا يصدران إلا عن استقلال فكر وحرية ضمير مع ثبات عليه وتمسك به مهما حاول أحد إقناعه.
وكان كثير الشغف بالمجادلات الدينية، حتى إنه طالما كان يتهمني بأني مشركة لا أعبد إلها واحدا، وكان لا يصغي كثيرا إذا أردت أن أشرح له حقيقة اعتقادي، وأتذكر أني تكدرت من هذه التهمة وظهر على وجهي التأثر الشديد، فقال وهو يبتسم: «خففي عنك وطأة الانقباض أيتها السيدة؛ لأننا إنما ننظر إلى المسألة من وجوه مختلفة، وأرجو أن تضعي هذا الإناء الصيني - وكان بالقرب مني - على المائدة.» ثم قال: «اجلسي أمامي» وسألني: «ماذا ترين من النقش على هذا الإناء؟» فقلت: «إني أرى صورة تنين أخضر فاغر فاه محملق بعينيه وله ذنب طويل.» فأجابني على الفور قائلا: «هذا كلام لا حقيقة له؛ فإن المنقوش على الإناء صورة بحر وأسماك ومغارة تتكسر عليها المياه وتحوم حولها أشباح صغيرة أظنها حشرات أو ما أشبه ذلك، والآن أرجو أن تصغي أيتها الطبيبة وتعلمي أنني لا أمزح، بل إنني حقيقة أرى ما وصفته لك ولا أرى ما ترينه أنت؛ لأنني لا أبصره ولم يقع تحت نظري، فإذا أنا أنكرت وجود البحر والأسماك فهل يقتضي ذلك أن نتشاجر ونتقاتل؟» ولا خلاف؛ فإنني فهمت كل ما أراد أن يعبر عنه، لأن مثل هذا التعبير ظاهر جلي، ولكنني استغربت صدوره منه، وزاد عجبي حينما رأيته بعد ذلك قد اضطجع على كرسي كبير وأسند رأسه على وسادته، ثم قال: «هكذا نحن في هذه الدنيا؛ ننظر إلى الأمور من وجه واحد، ولكن سوف نرى بأعيننا الوجهين في العالم الآخر، بل سوف نعلم أن كل نظر إلى جهة واحدة باطل وخطأ مبين.»
Неизвестная страница