Биографии известных людей Востока в девятнадцатом веке (часть первая)
تراجم مشاهير الشرق في القرن التاسع عشر (الجزء الأول)
Жанры
وبعد ثلاثة أيام (لا ندري ما دار في أثنائها بينه وبين علماء البلاد ومشائخها) سار المشائخ والعلماء جميعا إلى محمد علي في منزله ينادون بصوت واحد: «لا نقبل خورشيد باشا واليا علينا»، فقال: «ومن تريدون إذن؟» قالوا: «لا نريد أحدا سواك» فامتنع أولا وجعل يرغبهم في خورشيد ويحملهم على الإذعان والسكينة، وهم لا يزدادون إلا إصرارا على طلبهم، فوافقهم فأحضروا له الكرك والقفطان وألبسوه إياهما، وبعثوا إلى خورشيد أن ينزل من القلعة فأبى، فحاصروه فيها، وكتبوا إلى الباب العالي بذلك فورد الفرمان بولاية محمد علي في 11 ربيع آخر سنة 1220ه/9 يوليو (تموز) 1805 وعزل خورشيد باشا، فخرج هذا من القلعة بأمر من الآستانة، وغادر البلاد وفي نفسه من الغيظ على محمد علي ما ليس وراءه غاية.
ولكن المماليك كانوا أشد غيظا منه؛ لما ظهر لهم من تلاعب محمد علي بهم واستخدامه إياهم لأغراضه، فثاروا وفي مقدمتهم الألفي، فإنه حالما علم بتولية محمد علي نزل بعصابته، وخابر حكومة إنكلترا بخلع محمد علي، واشترط على نفسه أنها إذا فعلت ذلك سلمها البلاد حالا، فعلم قنصل فرنسا بذلك فعرقل مسعاه، فعكف على مصالحة محمد علي باشا على شيء يرضى به الاثنان، فلم يتفقا، فعاد الألفي لمخابرة سفير إنكلترا، فأقنع هذا الباب العالي فبعث واليا اسمه موسى باشا مع العفو عن المماليك، وكادت تنطلي هذه الحيلة لو لم يقم العلماء والمشائخ من جهة وسفير فرنسا في الآستانة من جهة أخرى ويوضحوا للباب العالي مقصد المماليك فتثبت محمد علي، ولكنه أمر أن لا يتعرض للمماليك فيما بعد لصدور العفو عنهم قبلا، ولكن التقادير ساعدته فتوفي البرديسي بعد قليل، ثم الألفي، فتولى على المماليك شاهين بك، ولكن شوكتهم ضعفت، ولم تعد تقوم لهم قائمة.
أما إنكلترا فاعتبرت إرجاع محمد علي مخلا بنفوذها، فبعثت حملة تحت قيادة الجنرال فرازر لإرجاع سلطة المماليك، ولكن المماليك كانوا قد تبعثروا في البلاد، فأقامت الجنود الإنكليزية على سواحل القطر مدة ثم عادت بخفي حنين بعد الاتفاق على صلح، فاجتمعت السلطة في قبضة محمد علي باشا، ثم سعى بعضهم في المصالحة بينه وبين شاهين بك زعيم المماليك فتصالحا، وقدم هذا إلى مصر بالهدايا الثمينة فأكرمه محمد علي، وبنى له قصرا لسكناه في الجيزة، وفي 5 جمادى الآخرة سنة 1223 بويع السلطان محمود الثاني على عرش الآستانة العلية. (3) أعماله الحربية
فلما رسخت قدم محمد علي باشا في مصر أخذ في تسليم مصالح حكومته إلى من يثق بهم من ذوي قرباه؛ لأنه كان شديد المحبة لعائلته ولا شك أن أزره اشتد بهم، ثم استفحل أمر الوهابيين في شبه جزيرة العرب فأرسل السلطان محمود خان يعهد إلى محمد علي باشا أمر إخضاعهم وتخليص البلاد من أيديهم.
والوهابيون فئة من المسلمين ذهبوا إلى إغفال كل الكتب الدينية الإسلامية إلا القرآن الشريف فهم بمنزلة الطائفة الإنجيلية عند المسيحيين. زعيمها الأول يدعى محمد عبد الوهاب، ولد سنة 1110ه/1696م، ولما شب تفقه وحج ثم أظهر دعوته فالتفت عليه أحزاب كثيرة، فافتتح نجدا، فالحجاز، فالحرمين، وما زال يفتتح في بلاد العرب حتى توفي سنة 1205ه/1798م وسنه 95 سنة، فاستمرت أحزابه في أعمالهم حتى سنة 1224ه سنة 1809م تحت قيادة الأمير سعود، وقد أصبحت حدود مملكتهم من الشمال صحراء سوريا، ومن الجنوب بحر العرب، ومن الشرق خليج العجم، ومن الغرب البحر الأحمر، فنهبوا الكعبة وقد استفحل أمرهم، ولم ير الباب العالي بدا من تكليف بطل مصر إخضاعهم.
فأجاب محمد علي مطيعا، وجعل يجمع القوات اللازمة لتلك الحملة، لكنه فكر في أمر المماليك فخشي إذا سارت الحملة أن لا تكون البلاد في أمن منهم فيجمعون كلمتهم ويعودون إلى ما كانوا عليه من القلاقل، فعمد إلى إهلاكهم قبل مسير الحملة، لكنه في الوقت نفسه عمل على إعداد مواد الحملة، فجند أربعة آلاف مقاتل تحت قيادة ابنه طوسون باشا ثم طلب إلى الباب العالي أن يبعث إلى السويس بالأخشاب لبناء المراكب اللازمة لنقل الجند ومعدات الحرب، فأرسل إليه ما طلب، فابتنى ثمانية عشر مركبا، وأعدها عند السويس في انتظار الحملة.
أما المماليك فكانوا قد يئسوا من الاستقلال بالأحكام لما رأوا ما حل بسلفائهم وما عليه محمد علي باشا من العزيمة، فكفوا عن مطامعهم، واكتفوا بالتمتع بأرزاقهم وممتلكاتهم في حالة سلمية، فقطن بعضهم الصعيد، وبعضهم القاهرة، وتشتتوا في أنحاء القطر، وكان شاهين بك وهو الذي تولى رئاستهم بعد وفاة الألفي قد أذعن لمحمد علي باشا كما تقدم، فأقطعه أرضا بين الجيزة وبني سويف والفيوم فأوى إليها، وفي محرم سنة 1226ه/فبراير(شباط) سنة 1811م سار قواد الحملة من القاهرة وعسكروا في قبة العزب في الصحراء ينتظرون باقي الحملة ومعها طوسون باشا، وتعين يوم الجمعة لوداع طوسون والاحتفال بخروجه ورجاله إلى قبة العزب، فأعلن ذلك في المدينة ودعا كل الأعيان لحضور ذلك الاحتفال وفي جملتهم المماليك وطلب إليهم أن يكونوا بالملابس الرسمية.
ففي يوم الجمعة 5 صفر سنة 1226ه/أول مارس (آذار) سنة 1811 احتشد الناس إلى القلعة، وجاء شاهين بك في رجاله فاستقبلهم الباشا في قصره بكل ترحاب ثم قدمت لهم القهوة وغيرها، ولما تكامل الجمع وجاءت الساعة أمر محمد علي بالمسير فسار الموكب وكل في مكانه منه جاعلين المماليك إلى الوراء يكتنفهم الفرسان والمشاة حتى إذا اقتربوا من باب العزب من أبواب القلعة في مضيق بين هذا الباب والحوش العالي أمر محمد علي فأغلقت الأبواب، وأشار إلى الألبانيين (الأرناءوط) فهجموا على المماليك بغتة، فانذعر أولئك وحاولوا الفرار تسلقا على الصخور، ولكنهم لم يفوزوا؛ لأن الألبانيين كانوا أكثر تعودا على تسلقها، واقتحم المشاة المماليك من ورائهم بالرصاص فطلب المماليك الفرار بخيولهم من طرق أخرى فلم يستطيعوا لصعوبة المسلك على الخيول، ولما ضويق عليهم ترجل بعضهم وفروا ساعين على أقدامهم والسيوف في أيديهم، فتداركتهم الجنود بالبنادق من الشبابيك، فقتل شاهين بك أمام ديوان صلاح الدين، وحاول بعضهم الالتجاء إلى الحريم أو إلى طوسون باشا بدون فائدة، ثم نودي في المدينة أن كل من يظفر بأحد المماليك في أي محل كان يأتي به إلى كحيا بك، فكانوا يقبضون عليهم ويأتون بهم إليه أفواجا وهو يقتلهم.
شكل 1-4: أمين بك (المملوك الشارد).
وكان عدد المماليك المدعوين إلى الوليمة أربعمائة فلم ينج منهم إلا اثنان: أحدهما أحمد بك زوج عديلة هانم بنت إبراهيم بك الكبير كان غائبا بناحية موش، والثاني أمين بك؛ كان قد أتى القلعة متأخرا فرأى الموكب سائرا نحو باب العزب فوقف خارج الباب ينتظر خروج الموكب، ثم لما أقفلت الأبواب بغتة وسمع إطلاق النار علم المكيدة فهمز جواده وطلب الصحراء قاصدا سوريا، والمتبادر على الألسنة أن أمين بك هذا كان داخل القلعة فلما حصلت المعركة همز جواده فوثب به من فوق السور لجهة الميدان فقتل جواده وسلم هو ، والأقرب للحقيقة أن هذه الإشاعة مختلقة أو مبالغ فيها، ثم نودي في الأسواق أن شاهين بك زعيم المماليك قد قتل، فخاف الناس، ثم طافت العساكر المدينة ينهبون بيوت المماليك، ويأخذون حريمهم وجواريهم وعلا الصياح.
Неизвестная страница