باب
القول في ضبط المتن ونقل الخبر بالمعنى
قال بعض أهل الحديث: ضبط المتن في مراعاة اللفظ ويحل له نقله بالمعنى عنده.
قال القاضي ﵀: وقد رأيت عن بعض أهل النظر أنهم قالوا: لفظ الراوي لا يكون حجة بل يطلب في تلك الحادثة لفظ رسول الله ﷺ فيحمل عليه لفظ الراوي. وهذا قول مهجور.
وقال جمهور العلماء: يجوز نقل الخبر بالمعنى في الجملة لكنه على أقسام أربعة تفصيلًا فتقول:
إن كان الخبر محكمًا فإنه يجوز نقله بالمعنى لكل من سمعه من أهل اللسان.
وإن كان ظاهرًا يحتمل غيرها ما ظهر لم يحل له النقل بالمعنى إلا للفقيه بعلم الشريعة وطرق الاجتهاد.
وإن كان مشكلًا أو مشتركًا لم يحل لأحد النقل بتأويله.
وإن كان مجملًا فلا يتصور نقله بالمعنى.
أما الأولون فإنهم احتجوا بما روي عن النبي ﷺ قال: "نضر الله وجه امرء سمع مقالتي فوعاها، ثم أداها كما سمعها، فرب حامل فقه إلى غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه" فالنبي ﷺ رغب في مراعاة الحفظ ونبه على المعنى وهو اختلاف الناس في معرفة معاني الألفاظ، والفقه الذي يدور عليه أمر الشرع، فإذا صار الأصل هذا ثبت الحجر عامًا، وإن كان من الألفاظ ما لا يتفاوت الناس في معرفة معناه.
وأما عامة العلماء فإنه يحتج لهم بما ظهر من الصحابة ﵃: "نهى رسول الله ﷺ عن كذا، وأمر بكذا، ورخص في كذا". ظهورًا لا يرده إلا متعنت ولو لم يكن حجة لما نقلوا للعمل به ولا للإلزام هكذا، وعن عامر الشعبي وإبراهيم النخعي أنهما كانا ينقلان بالمعنى.
وروينا عن ابن مسعود ﵁ أنه كان يروي ويقول: هذا أو نحوه. والفقهاء