حسب ما نطق به القرآن، وإطلاق العرب له (1) (على) مانع القرى (2) لاعتقادهم وجوبه عليهم، ولهذا لا يصفون به من أخل بواجب يختصه، ولا مانع التفضل على كل حال، ويجوز أن يكون ذلك مجازا، والمجاز لا يقاس عليه ولا يجعله أصلا يرجع إليه.
فسقط ما تعلقوا به معنى وعبارة، والمنة لله.
وأيضا فإن المفعول منه في الوقت الواحد لا بد من انحصاره، لوجوب انحصار ما يخرج إلى الوجود، وما زاد عليه مما حكمه حكمه في النفع لا يخلو أن يكون مقدورا له تعالى أو غير مقدور ولا يصح كونه غير مقدور، لكونه تعالى قادرا لنفسه، ولكونه مقدورا لا يخلو أن يكون واجبا أو غير واجب، وكونه واجبا يقتضي كونه تعالى غير منفك في حال من الاخلال بالواجب، فلم يبق إلا أنه غير واجب.
وليس لأحد أن يقول: فأنتم تجيزون فعل الأصلح، فيلزمكم في الجواز ما ألزمتموه في الوجوب.
لأن الاخلال بالواجب لا يجوز عليه تعالى، والاخلال بالجائز جائز منه، فافترقا بغير شبهة.
وليس له أيضا أن يقول: القدر الزائد إن كان صلاحا فلا بد أن يفعله، وإن لم يكن كذلك فلا مسألة علينا.
لأنا فرضنا مساواة القدر الزائد المعدوم لما وجد منه في الصلاح، فاقتضى سقوط وجوب الأصلح، أو كونه تعالى غير منفك من الاخلال بالواجب، فسؤالهم إذن خارج عن تقديرنا.
ولنا في هذا الدليل نظر لا يحتمله كتابنا هذا.
Страница 126