جعل عليكم في الدين من حرج) " (1) ثم قال: " امسح عليه " (2).
فإن معرفة وجوب المسح على المرارة الحائلة بين الماسح والممسوح من آية نفي الحرج لا تستقيم إلا بأن يقال:
إن المسح الواجب في الوضوء ينحل إلى صورة المسح ومباشرة الماسح للممسوح، ولما سقط قيد المباشرة لنفي الحرج تعين المسح من دون مباشرة، وهو المسح على الحائل، وكذلك فيما نحن فيه سقط قيد المباشرة ولا تسقط صورة المسح عن الوجوب.
وكذلك الكلام في غسل الرجلين للتقية، فإن التقية إنما أوجبت سقوط الخصوصية المائزة بين الغسل والمسح، وأما ايصال الرطوبة إلى الممسوح فهو واجب لا من حيث التقية، فإذا أخل به المكلف فقد ترك جزءا من الوضوء، فبطلان الوضوء من حيث ترك ما وجب لا لأجل التقية، لا ترك ما وجب للتقية.
ومما يؤيد ما ذكرنا ما ذكره غير واحد من الأصحاب: من أنه لو دار الأمر بين المسح على الخفين وغسل الرجلين قدم الثاني، لأن فيه إيصال الماء، بخلاف الأول، فلو كان نفس الفعل المشتمل على القيد - والمقيد إنما وجب تقية - لم يعقل ترجيح شرعي بين فعلين ثبت وجوبهما بأمر واحد، وهو الأمر بالتقية، لأن نسبة هذا الأمر إلى الفردين نسبة واحدة، إلا أن يكون ما ذكروه فرقا اعتباريا منشؤه ملاحظة الأسباب العقلية.
لكن يبقى على ما ذكرنا في غسل الرجلين أنه لو لم يتمكن المكلف من المسح تعين عليه الغسل الخفيف، ولا يحضرني من أفتى به، لكن لا بأس باعتباره، كما في عكسه المجمع عليه، وهو تعين المسح عند تعذر الغسل، ويمكن
Страница 62