Прогрессивное движение в Америке: очень короткое введение
الحركة التقدمية في أمريكا: مقدمة قصيرة جدا
Жанры
كانت النتيجة هي مطالبة بالإصلاح حظيت بدفعة كبيرة خلال تسعينيات القرن التاسع عشر حتى وصلت بحلول عام 1900 إلى شعور واسع الانتشار بوجود أزمة. حتى ذلك الوقت كان من الصعب كسر حالة الإجماع السائدة، وهي إجماع على الداروينية الاجتماعية التي تقول بأن الأفراد يتحملون مسئولية نجاحهم أو فشلهم. لعل أبرز المؤيدين للداروينية الاجتماعية هو ويليام جراهام سمنر من جامعة ييل الذي نشر كتابا في عام 1883 بعنوان «ما تدين به الطبقات الاجتماعية بعضها لبعض»، وقد انتهى في كتابه إلى أن الطبقات الاجتماعية لا تدين بشيء بعضها لبعض.
في ذلك العصر الذي عرف بتقدير آداب اللياقة، كان من غير اللائق التذمر من النظام الاجتماعي والاقتصادي، وكان معظم المحررين والواعظين والسياسيين يسعون لاكتساب الاحترام. ومن وجهة نظرهم كان المزارعون الغاضبون ومناصرو حزب العملة الخضراء أفرادا غير جديرين بالاحترام؛ ولذا كان يمكن غض الطرف عن شكواهم ومقترحاتهم في الوقت الراهن.
الفصل الثاني
أزمة تسعينيات القرن التاسع عشر: 1889-1901
اتسمت ثمانينيات القرن التاسع عشر، في كثير من النواحي، بالتوسعية والرخاء. في أمريكا وأوروبا، بدا العالم ثريا، وظهرت إبداعات عظيمة في العمارة والهندسة، ومن بينها جسر بروكلين (1883) وأول ناطحة سحاب ذات هيكل فولاذي (1885)، واتسعت الرقعة التي امتدت فوقها السكك الحديدية عبر أمريكا. وبحلول عام 1890، افتقر قليل من الأماكن على اختلاف حجمها في الشمال الشرقي والغرب الأوسط إلى خدمة نقل الركاب والبضائع، وكان المهاجرون يرتحلون كل يوم بالآلاف إلى نيويورك وفيلادلفيا وبالتيمور ونيو أورليانز على متن السفن البخارية العابرة للمحيط الأطلنطي الجديدة السريعة، بعضهم أراد المكوث في تلك المدن الساحلية، وأراد أكثرهم التوجه غربا. واستمرت أيرلندا وإنجلترا وألمانيا والدول الاسكندنافية في إرسال الكثير من المهاجرين، ولكن بعد عام 1880 ساهمت إيطاليا وبولندا وروسيا والإمبراطورية النمساوية المجرية المتعددة الأعراق في إثراء التنوع داخل المجتمع الأمريكي.
وفي منطقة السهول الكبرى، أخذ الباحثون عن الأراضي من نورث داكوتا وساوث داكوتا إلى تكساس في توسيع حدود الاستيطان غربا يوما بعد يوم، وسرعان ما أصبحت المناطق الخاصة بالهنود الحمر في السابق، والتي فتحت أبوابها أمام إقامة البيض للعزب الريفية عام 1889، ولاية أوكلاهوما. أما عن الهنود الحمر، فقد اختفت مقاومتهم الأخيرة المنظمة في وجه القوات والمزارعين الأمريكيين إبان ثمانينيات القرن التاسع عشر، وأرغموا على العيش في مستوطنات، حيث كان من المفترض بهم التعايش مع البيض. كانت تلك «فترة الحضيض» بالنسبة للهنود الحمر، ليس فقط من حيث تعدادهم (فقد تراجع تعدادهم الذي قدر بملايين قبل قدوم كولومبوس إلى ما يقرب من 250 ألفا في عام 1900)، ولكن أيضا في كبت ثقافاتهم. وأعلنت مونتانا وإيداهو وواشنطن ووايومنج ونورث داكوتا وساوث داكوتا - الربع الشمالي الغربي بالكامل تقريبا من الولايات المتحدة - كولايات في عام 1889 / 1890. وفي كل ولاية من تلك الولايات، ارتفع عدد السكان، مثلما كانت الحال دوما في السنوات الأولى من عمر المستعمرات الحدودية. لم يتوقف اجتياح الشباب الراغب في العمل بالزراعة وعائلاتهم لمنطقة السهول الكبرى إلا بعد عام 1915، وحينها فقط توقفت إقامة المستوطنات الحدودية التي بدأت في العصور الاستعمارية.
أما عن التعداد السكاني الوطني، فكشف الإحصاء السكاني عام 1890 أنه في السنوات العشر السابقة لذلك التاريخ زاد التعداد السكاني زيادة مفرطة بنسبة تتخطى 25 في المائة، وارتفع إلى 63 مليونا؛ أي ضعف ما كان عليه قبل ثلاثين عاما فقط، قبيل الحرب الأهلية مباشرة. ساهم في ذلك المعدل العالي للهجرة، والاستيطان السريع للغرب، وكذلك التحول إلى الحياة المدنية. كان كل من التعداد في الحضر والريف على حد سواء يرتفع بسرعة في الوقت نفسه. وإبان ثمانينيات القرن التاسع عشر، ظهر ما يزيد على 500 ألف مزرعة جديدة، في حين أن عدد المناطق الحضرية ارتفع بنسبة 44 في المائة وازداد عدد سكان الحضر بمعدل 8 ملايين فرد، ما يعادل ضعف الزيادة في الريف. وعلى مستوى النواحي الاقتصادية جميعها، كانت الولايات المتحدة تتبوأ مقعدها جنبا إلى جنب مع البلدان الصناعية الكبرى بالقارة الأوروبية، بل وكانت تنذر أيضا بأن تتفوق عليها في معدلات الإنتاج. ومما لا يدعو للدهشة أن الولايات المتحدة كانت أيضا تضارعها في المشكلات الاجتماعية التي تنتج عن النمو الاقتصادي المتسارع.
لم تنجح مساعي الإصلاح المحدودة إبان ثمانينيات القرن التاسع عشر بالقدر المطلوب في مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية الجديدة التي أعقبت الحرب الأهلية. بدأت الدعوة لإصلاح الخدمة المدنية منذ ستينيات القرن التاسع عشر أو قبله، وفي عام 1883، بعد صدمة اغتيال الرئيس جيمس إيه جارفيلد قبل عامين، أصدر قانون الخدمة المدنية الفيدرالي الأول، الذي يعرف أيضا بقانون بندلتون. كان ذلك بداية جيدة؛ حيث أصبح هذا القانون ساريا في بعض الهيئات مثل هيئة البريد، ولكنه لم يقض على التعيينات السياسية تماما. بدأ تنظيم المشروعات التجارية الكبرى، الذي كان ضرورة ملحة أخرى، مع قانون التجارة بين الولايات لعام 1887 وقانون شيرمان لمكافحة الاحتكار لعام 1890، لكن هذين القانونين لم يكونا سوى لزقات جروح وضعت على جرح نازف، فسرعان ما أفقدت المحكمة العليا الأمريكية الشديدة التحفظ والموالية للشركات هذين القانونين فاعليتهما. وكان من الممكن أن يساعد التوسع النقدي المزارعين وصغار المصنعين، لا سيما في الجنوب والغرب اللذين يفتقران إلى السيولة النقدية، وكانت المطالبة بالتوسع النقدي السبب الرئيسي وراء تشكل حزب العملة الخضراء، إلا أن نظرية الحزب الخاصة بالتوسع في إصدار الأوراق النقدية تناقضت مباشرة مع الممارسة السائدة الخاصة بمعيار الذهب. وصف مناصرو الحزب بأنهم مهووسون ساذجون، بالرغم من أن بعض الاقتصاديين المعروفين اتفقوا معهم في الرأي. وعندما انتعش الاقتصاد بقدر من الرخاء بعد عام 1880، تبخر التوجه المؤيد لإصدار العملات الخضراء.
خارج نطاق الحكومة، روج بعض المصلحين لبرامجهم الإصلاحية على نحو جيد، فقد أيد هنري جورج فرض «ضريبة واحدة» على الزيادات غير المكتسبة في قيمة الأملاك العقارية، واقترح إدوارد بيلامي تأميم قطاعات كبيرة من الاقتصاد. وعلى الرغم من انتشار الجمعيات المؤيدة لبيلامي وجورج في المدن عبر أرجاء البلاد للترويج لأفكارهما، فلم تجذب بنحو أساسي سوى المثقفين والنخب المتخصصة، فلم تكن الحاجة إلى إدخال إصلاحات قد وصلت بعد إلى نطاق أوسع من المجتمع.
مع ذلك، ظلت الحقيقة هي أن ثمار الرأسمالية غير الخاضعة لأي رقابة كان يحصدها فقط أقلية صغيرة في قمة المجتمع. استعان أقطاب مؤسسات وول ستريت وأباطرة السكك الحديدية بمهندسين معماريين عصريين من أجل تشييد قصور عظيمة لهم، بدءا من نيوبورت ورود آيلاند إلى نيويورك وسان فرانسيسكو، وعلى الرغم من عدم تشييد أعداد كبيرة من تلك القصور، فقد أججت مشاعر المهابة والرفعة وكذلك الاستياء. كانت الفجوة بين تلك القصور ومنازل المزارعين أو الحرفيين المتوسطي الحال تشهد على حالة غياب المساواة المتزايدة. كان هناك في الولايات المتحدة فقراء بالحضر (والريف) على مدى وقت طويل، لكن نمو المدن الكبيرة في ثمانينيات القرن التاسع عشر والهجرة غير المسبوقة من أوروبا خلال ذلك العقد أسهما في إبراز الفقر على نحو أكبر بكثير. بدأت مراكز التكافل الاجتماعي - وهي مؤسسات خاصة يقوم على إدارتها رواد العمل الاجتماعي - في الظهور باعتبارها ملاذا يقدم الخدمات الاجتماعية وقدرا من التعليم إلى فقراء الحضر. كان هال هاوس في شيكاجو، الذي تأسس عام 1889، أبرز النماذج المبكرة على تلك المراكز، وتبعه بعد ذلك مراكز عديدة. لكن تلك المراكز لم تصل بخدماتها إلا إلى عدد محدود من الفقراء؛ فقد احتاجت مشكلات الفقر وعدم المساواة إلى استجابات أوسع نطاقا. حققت المنظمة العمالية الرئيسية في ذلك الوقت - وهي منظمة «فرسان العمل»، التي اتخذت «اتحاد الطبقات المنتجة» شعارا لها وفلسفة تعبر عنها - نجاحات عديدة في أوائل ومنتصف ثمانينيات القرن التاسع عشر، لا سيما أمام شركات السكك الحديدية، واجتذبت ما يقرب من 700 ألف عضو بحلول عام 1887. إلا أن أحداث شغب ميدان هايماركت التي قادها دعاة الفوضوية في أكتوبر من عام 1886 بشيكاجو أساءت لسمعة أعضاء المنظمة، على الرغم من عدم مشاركتهم في تلك الأحداث؛ وذلك لأن الصحافة المحافظة (والعامة) ربطت تلقائيا بين «الإضرابات العمالية» والفوضوية. خسرت منظمة فرسان العمل إضرابا عماليا هاما عام 1887، وتراجع مجموع الأعضاء بها إلى ما يقرب من 100 ألف بحلول عام 1890. مع ذلك نجحت المنظمة بوجه عام في بلورة حلم الطبقات المنتجة في وجود تحالف بين المزارعين وعمال المصانع، في الجنوب وفي بعض الولايات الغربية. وبهذا ساهمت بوضع أيديولوجية والدفع بقوة عددية في تشكيل أكبر وأهم حركة سياسية إصلاحية في حقبة ما بعد الحرب الأهلية، وهي حزب الشعب. أصبح هذا الحزب، الذي يطلق عليه أيضا الحركة الشعبوية، ثالث أقوى حزب في ذلك الوقت.
Неизвестная страница