وأما الثالثة التي هي قوله للملك الذي أراد أن يأخذ منه أهله عنوة فسأله ما هذه التي معك فقال هي أختي فكان قوله ذلك طمعا في تخليصها منه بهذه القولة ليقيم عذره عند الملك لكون الغيرة على الأخت آكد منها على الزوج فقال له ذلك لعله يتركها له كالذي فعل فلو قال هي زوجتي فربما كان يقول له انزل لي عنها أتملكها على الوجه الذي كانت عندك فلما كانت القولتان تخالف الواحدة التي اتحدت مع الثلاث في إقامة الحجة على الخصوم بعد تسليم مذهبهم لهم جدلا عد الكل ثلاثا لاتحاد الأربعة الأقوال في المعنى
الوجه الثاني أن تكون القولات الثلاث في الكواكب التي لم يعدها من الكذبات بأمر من الله تعالى أمر أن يقولها فقالها ولم يعدها كذبات لكونه مأمورا بها وتلك الثلاث التي عدها كانت عن نظره واجتهاده فأبهمها بأن رأى أن السكوت عنها كان له أولى على ما قدمناه في حقهم من مراعاة الأولى
وإذا كانت الثلاث الأخر بأمر الله تعالى له فلا حرج فيها لكونه مأمورا بها فتخرج له مخرج قول الملك لداوود عليه السلام {إن هذا أخي} ولم يكن أخاه حقيقة وقوله {له تسع وتسعون نعجة} ولم يكن له نعاج إلى آخر ما قاله
وقوله يوسف عليه السلام لإخوته {إنكم لسارقون} كما قدمناه حرفا بحرف
والأظهر من الوجهين الأخير منهما ودليلنا عليه أن الستة الألفاظ في التلفظ بخلاف المعتقد على سواء
فذكر الثلاث والإعراض عن ذكر الثلاث الأخر مع ورعه عليه السلام وشدة مراقبته دليل على أن التي أعرض عن ذكرها كانت بأمر الله تعالى
Страница 94