101

Пробуждение невнимательных

تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي

Исследователь

يوسف علي بديوي

Издатель

دار ابن كثير

Номер издания

الثالثة

Год публикации

١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م

Место издания

دمشق - بيروت

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ: مَا أَحْسَنَ هَذَا الصَّوْتَ لَوْ كَانَ لِقِرَاءَةِ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَجَعَلَ الرِّدَاءَ فِي رَأْسِهِ وَمَضَى.
فَسَمِعَ زَاذَانُ قَوْلَهُ، فَقَالَ: مَنْ كَانَ؟ قَالُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ، فَأَيَّ شَيْءٍ قَالَ؟ قَالُوا إِنَّهُ قَالَ مَا أَحْسَنَ هَذَا الصَّوْتَ لَوْ كَانَ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ.
فَدَخَلَتِ الْهَيْبَةُ فِي قَلْبِهِ فَقَامَ وَضَرَبَ الْعُودَ عَلَى الْأَرْضِ فَكَسَرَهُ، ثُمَّ أَسْرَعَ حَتَّى أَدْرَكَهُ وَجَعَلَ الْمِنْدِيلَ فِي عُنُقِ نَفْسِهِ، وَجَعَلَ يَبْكِي بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ، فَاعْتَنَقَهُ عَبْدُ اللَّهِ وَجَعَلَ يَبْكِي كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، ثُمَّ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: كَيْفَ لَا أُحِبُّ مَنْ قَدْ أَحَبَّهُ اللَّهُ تَعَالَى فَتَابَ مِنْ ذُنُوبِهِ.
وَجَعَلَ يُلَازِمُ عَبْدَ اللَّهِ حَتَّى تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَأَخَذَ حَظًّا مِنَ الْقُرْآنِ وَالْعِلْمِ، حَتَّى صَارَ إِمَامًا فِي الْعِلْمِ، وَقَدْ جَاءَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَخْبَارِ عَنْ زَاذَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا.
سَمِعْتُ أَبِي يَحْكِي أَنَّ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتِ امْرَأَةٌ بَغِيًّا، وَكَانَتْ مُفْتِنَةً لِلنَّاسِ بِجَمَالِهَا، وَكَانَ بَابُ دَارِهَا أَبَدًا مَفْتُوحًا، فَكُلُّ مَنْ مَرَّ بِبَابِهَا رَآهَا قَاعِدَةً فِي دَارِهَا عَلَى السَّرِيرِ بِحِذَاءِ الْبَابِ، فَكُلُّ مَنْ نَظَرَ إِلَيْهَا افْتُتِنَ بِهَا، فَإِذَا أَرَادَ الدُّخُولَ إِلَيْهَا احْتَاجَ إِلَى إِحْضَارِ عَشْرَةِ دَنَانِيرَ، أَوْ أَقَلِّ أَوْ أَكْثَرِ، حَتَّى تَأْذَنَ لَهُ بِالدُّخُولِ عَلَيْهَا.
فَمَرَّ بِهَا ذَاتَ يَوْمٍ عَابِدٌ مِنَ الْعُبَّادِ فَوَقَعَ بَصَرُهُ فِي الدَّارِ وَهِيَ قَاعِدَةٌ عَلَى السَّرِيرِ، فَافْتُتِنَ بِهَا فَجَعَلَ يُجَاهِدُ نَفْسَهُ وَيَدْعُو اللَّهَ تَعَالَى لِيُزِيلَ ذَلِكَ مِنْ قَلْبِهِ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ عَنْهُ، وَكَانَ يُكَابِدُ نَفْسَهُ الْمُكَابَدَةَ الشَّدِيدَةَ حَتَّى بَاعَ قُمَاشًا كَانَ لَهُ وَجَمَعَ مِنَ الدَّنَانِيرَ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ، فَجَاءَ إِلَى بَابِهَا وَأَمَرَتْ أَنْ يُسَلِّمَ ذَلِكَ إِلَى وَكِيلٍ لَهَا، وَوَاعَدَتْهُ وَقْتًا لِمَجِيئِهِ، فَجَاءَ إِلَيْهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَقَدْ تَزَيَّنَتْ وَجَلَسَتْ فِي بَيْتِهَا عَلَى سَرِيرِهَا فَدَخَلَ عَلَيْهَا الْعَابِدُ وَجَلَسَ مَعَهَا عَلَى السَّرِيرِ، فَلَمَّا مَدَّ يَدَهُ إِلَيْهَا وَانْبَسَطَ إِلَيْهَا، تَدَارَكَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِرَحْمَتِهِ وَبَرَكَاتِهِ وَعِبَادَتِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ، فَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَرَانِي فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَوْقَ عَرْشِهِ وَأَنَا فِي الْحَرَامِ، وَقَدْ أَحْبَطَ عَمَلِي كُلَّهُ فَوَسِعَتِ الْهَيْبَةُ فِي قَلْبِهِ.
وَارْتَعَدَتْ فَرَائِصُهُ وَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ.
فَنَظَرَتِ الْمَرْأَةُ إِلَيْهِ فَرَأَتْهُ مُتَغَيِّرَ اللَّوْنِ فَقَالَتْ: أَيُّ شَيْءٍ أَصَابَكَ قَالَ: إِنِّي أَخَافُ رَبِّي، فَائْذَنِي لِي بِالْخُرُوجِ، فَقَالَت لَهُ، وَيْحَكَ إِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ يَتَمَنَّوْنَ الَّذِي وَجَدْتَهُ، فَأَيُّ شَيْءٍ هَذَا الَّذِي أَنْتَ فِيهِ؟ فَقَالَ لَهَا: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ تَعَالَى، وَإِنَّ الْمَالَ الَّذِي دَفَعْتُهُ إِلَيْكِ هُوَ حَلَالٌ لَكِ فَائْذَنِي لِي بِالْخُرُوجِ،

1 / 121