وعظة أيضًا فإن فيه إساءة الظن بالمسلم، وربما لا يقدم على ما عزم عليه.
فإن قلت: ينبغي أن نقول مثل هذا في من خلا بأجنبية، أو وقف على باب حمام لينظر إلى النساء الأجنبيات وأمثال ذلك، لأنه ربما لا يقدم على الفسق.
قلنا: إنما أنكرنا عليه من حيث أن الخلوة والوقوف معصية في نفسه لا من حيث أننا نتوقع به معصية قد لا يقدم عليها، والله أعلم.
٦ - فصل
ويشترط أيضًا أن يكون المنكر ظاهرًا بغير تجسس، فكل من ستر معاصيه في داره أو أغلق عليه بابه لا يجوز لأحد أن يتجسس عليه.
وقد روي أن عمر ﵁ تسور دار رجل فرآه على حالة مكروهة، فأنكر عليه فقال يا أمير المؤمنين: إن كنت عصيت الله من وجه فقد عصيته من ثلاثة أوجه فقال: وما هي؟ فقال: قد قال الله تعالى: ﴿وَلا تَجَسَّسُوا﴾ [الحجرات: ١٢] وقد تجسست، وقال تعالى: ﴿وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا﴾ [البقرة: ١٨٩] وقد تسورت من السطح، وقال سبحانه: ﴿لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا﴾ [النور: ٢٧] وما سلمت، فتركه عمر، وشرط عليه التوبة.
فإن ظهر لمن خارج الدار ما في الدار من المنكر كصوت المزامير والأوتار إذا ارتفعت وصوت المرأة وكلامها بالرفث والفحش عند العزب ونحو ذلك، فمن سمع ذلك فله دخول الدار وكسر الملاهي وإخراج المرأة.
وكذلك إذا ارتفعت أصوات السكارى بالكلمات المألوفات بينهم بحيث يسمعها أهل الشوارع فهذا أيضًا إظهار يوجب إنكار.
1 / 40