الاشتراط فاسد فإن الآيات والأخبار تدل على أن كل من رأى منكرًا فسكت عليه فعصى أينما رآه وكيفما رآه على العموم بلا تخصيص فشرط التفويض من الإمام تحكم لا أصل له وما فيه من عز السلطنة والاحتكام لا يحوج إلى تفويض كعز العلم والتعريف إذ لا خلاف في أن تعريف التحريم والإيجاب لمن هو جاهله ومقدم على المنكر يجهله لا يحتاج إلى إذن الوالي وذلك يكفي فيه مجرد الدين فكذلك النهي.
ولكن بعض رتب الأمر والنهي ما يكون في احتياجه إلى الإذن نظر كما سيأتي.
٣ - فصل
وذهب قوم إلى أن الأمر بالمعروف والناهي عن المنكر يشترط أن يكون عدلًا، وأنه ليس لفاسق أن يأمر وينهي، وهذا من حيث الإطلاق فاسد.
قال النووي في شرح مسلم: قال العلماء لا يشترط في الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يكون كامل الحال ممتثلًا ما يأمر به مجتنبًا ما ينهي عنه بل عليه الأمر، وإن كان مخالفًا بما يأمر به، وإن كان متلبسًا بما ينهى عنه، بل عليه شيئًا أن يأمر نفسه وينهاها، وأن يأمر غيره وينهاه، فإذا أخل بأحدهما كيف يحل له الإخلال بالآخر؟ انتهى.
وكذا قال في الروضة تبعًا للرافعي.
وقال القرطبي في تفسيره في أوائل سورة آل عمران: ليس من شرط الآمر بالمعروف، والناهي عن المنكر أن يكون عدلًا عند أهل السنة، خلافًا للمعتزلة حيث تقول لا يغيره إلا عدل وهذا ساقط فإن العدالة محصورة في القليل من الخلق، والأمر بالمعروف / والنهي عن المنكر عام في جميع الناس، انتهى.
1 / 35