189

Введение в историю исламской философии

تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية

Жанры

ولأنه أول من وضع كتابا في الفرائض، وأول من وضع كتابا في الشروط

155

والشروط لا يستطيع أن يضعها إلا من تناهى في العلم، وعرف مذاهب العلماء ومقالاتهم؛ لأن الشروط تتفرع على جميع كتب الفقه، ويتحرز بها من كل المذاهب لئلا يتعقبها حاكم بنقض أو فسخ، وقد قيل بلغت مسائل أبي حنيفة خمسمائة ألف مسألة، وكتبه وكتب أصحابه تدل على ذلك.

ويقول صاحب كتاب «المبسوط»: «وأول من فرع فيه (يريد الفقه) وألف وصنف سراج الأمة أبو حنيفة، رحمة الله عليه، بتوفيق من الله - عز وجل - خصه به، واتفاق من أصحاب اجتمعوا له كأبي يوسف يعقوب بن إبراهيم بن خنيس الأنصاري، - رحمه الله تعالى - المقدم في علم الأخبار، والحسن بن زياد اللؤلئي المقدم في السؤال والتفريع، وزفر بن الهذيل - رحمه الله - ابن قيس بن سليم بن قيس بن مكمل بن ذهل بن ذؤيب بن جذيمة بن عمرو المقدم في القياس، ومحمد بن الحسن الشيباني - رحمه الله تعالى - المقدم في الفطنة وعلم الإعراب والنحو والحساب.

ومن فرغ نفسه لتصنيف ما فرعه أبو حنيفة، رحمه الله، محمد بن الحسن الشيباني، رحمه الله، فإنه جمع المبسوط لترغيب المتعلمين والتيسير عليهم ببسط الألفاظ، وتكرار المسائل في الكتب ليحفظوها، شاءوا أو أبوا.»

156

ويقول الفخر الرازي: «قولهم: إن أبا حنيفة أول من صنف في الفقه؛ فكان قوله أولى من غيره. الجواب أن هذه الحجة بالعكس أولى؛ وذلك لأن الواضع الأول ينقل كلامه عن مساهلات ومسامحات، وأما المتأخر فيكون كلامه أقرب إلى التنقيح والتهذيب، وأيضا إن أرادوا به أن أبا حنيفة صنف كتابا في الفقه فهذا ممنوع؛ لأنه لم يبق منه كتاب مصنف، بل أصحابه هم الذين صنفوا الكتب، وإن أرادوا به أنه تكلم في المسائل واشتغل بالتفاريع، فلا نسلم أنه أول من فعل ذلك، بل الصحابة والتابعون كلهم كانوا مشتغلين به.»

157 (ب) أثر أهل الرأي في الفقه الإسلامي

وجملة القول أن مذهب أهل الرأي هو الذي رتب أبواب الفقه، وأكثر من جمع مسائله في الأبواب المختلفة، وكان الحديث قليلا في العراق فاستكثروا من القياس ومهروا فيه، فلذلك قيل أهل الرأي. وفي شرح أصول البزدوي المسمى «كشف الأسرار» لعبد العزيز البخاري: «سموهم أصحاب الرأي تعييرا لهم بذلك، وإنما سموهم بذلك لإتقان معرفتهم بالحلال والحرام، واستخراجهم المعاني من النصوص لبناء الأحكام، ودقة نظرهم فيها، وكثرة تفريعهم عليها، وقد عجز عن ذلك عامة أهل زمانهم، فنسبوا أنفسهم إلى الحديث، وأبا حنيفة وأصحابه إلى الرأي ...

عن مالك بن أنس أنه كان يقول: اجتمعت مع أبي حنيفة وجلسنا أوقاتا، وكلمته في مسائل كثيرة فما رأيت رجلا أفقه منه، ولا أغوص منه في معنى وحجة، وروي أنه كان ينظر في كتب أبي حنيفة - رحمهما الله - وكان يتفقه بها.

Неизвестная страница