============================================================
التمهيد فى أصول الدين فعل لا قدرة له عليه وقت الفعل ولو لم يكن هذا حماقة أو وقاحة فلا وجود لهما فى الدنيا، والله تعالى الموفق.
ثم نقول: القدرة لما كانت عند الفعل منعدمة لم يكن فى وجودها قبله فائدة، ولا اثر لوجودها قبله فى حصوله إذا كانت لدى حصوله منعدمة كالالة؛ فإن اليد لو انعدمت لا تصور لحصول البطش بها وان كانت قبل ذلك موجودة، فكذا هذا، ومن جوز حصول الفعل بعد انعدام القدرة يلزمه أن يجوز حصول للبطش بعد النعدام اليد، وكذا هذا فى كل آلة وسبب، وحيث كان ذلك تجاهلا ودخولا فى السوفسطائية(1) فكذا هذا، وجاء من هذا أن كل فعل وجد عندهم وجد بلا قدرة، ولا أثر لها فى حصوله، فكانت القدرة مما لا منفعة فى وجوده ولا طائل تحته، وكل من هذا قوله فهو القائل بتكليف ما لا يطاق الرافع الشرائع، المبطل للحظد والوجوب، الرافع للثواب والعقاب. وقول من جوز فهم بقاء القدرة ويقول: هى موجودة قبل الفعل ومعه باطل لما مر من استحالة القول ببقائها، ثم نقول: هل يصح وجود الفعل بها فى الحالة بها فى الحالسة الأولى؟ فإن قالوا: تعم"، فقد تركوا مذهبهم وانقادوا للحق حيث جوزوا مقارنة الفعل، وإن قالوا: "لا3، قلنا: إذا كان يستحيل وجود الفعل بها فسى الحالة الأولى وهى فى الحالة الثانية كذلك لم يتغير ولم يحدث فيها معنى لاستحالة ذلك على الأعراض، فلم صار الفعل بها فى الحالة الثانية واجب الوجود وهى عين ما كان الفعل به قبل هذه الحالة ممتتع الوجود؟
(1) السوفسطاتية: وهم لا يقولون بحسوس ولا يمعقول. اتظر "المال والتعل".
Страница 91