============================================================
السهيد شح معالم العدل والنوحيد المحتمل، وأما أنه لم لم يمنعهم عن سؤال الرؤية؟ فلأنه قد بالغ في نهيهم وتعريفهم بجهلهم، فأبوا إلا الإصرار على الجهل، فأراد قطع شغبهم وحسم مادتهم بما يرد من الله تعالى من المنع عن رؤيته.
الشبهة الثانية وهو التوجيه الثاني من سؤال الرؤية لهم، قوله تعالى: (فإن اشتقر مكانه فسوف تراني)(1) قالوا: علق رؤيته باستقرار الجبل، فاستقرار الجبل ممكن، وما علق على الممكن فهو ممكن، فالرؤية ممكنة. وإنما قلنا إنه علق رؤيته على استقرار الجبل فهو ظاهر في الآية فإنه علقها بصيغة الشرط بقوله: فإن استقر مكانه فسوف تراني. وإنما قلنا إنه ممكن؛ فلأنه لا مانع من استقرار الجبل، ولا إحالة فيه. وأما أن ما علق على الممكن فهو ممكن فهو ضروري لا إشكال فيه، فثبت أن رؤيته تعالى ممكنة.
والجواب من وجهين: الأول أنا لا نسلم أنه علق الرؤية بأمر ممكن، قوله استقرار الجبل مكن، قلنا: إنه وإن كان ممكنا بالإضافة إلى ذاته لكنه مستحيل بالإضافة إلى أمور أخر، ولا فرق في استحالة وقوع الشيء وحصوله بين أن يكون مستحيلا لذاته وبين أن يكون مستحيلا لأمور أخر وراء ذاته، وهذا فإنه لا فرق في عدم الوقوع بين استحالة حدوث ذات القديم سبحانه وبين استحالة وقوع القبيح من جهته، وإن كان استحالة حدوثه لذاته واستحالة وقوع القبيح منه لداعيته، واستحالة الاستقرار إنما هو لأمور ثلاثة: أما أولا فلأن عندكم أنه تعالى أراد في ذلك الوقت ألا يستقر الجبل، وما أراد الله ألا يحصل كان حصوله محالا عندكم، فإذن حصول الاستقرار في ذلك الوقت محال.
ا- سورة الأعراف: آية 143.
Страница 319