184

============================================================

الشهيد شح معالم العدل والتوحيل و أما ثانيا فإن بهاتين الحاستين نعلم تفاصيل الأشياء التي نقتبس منها الأدلة، فلما كان المستفاد من هاتين الحاستين أغلب وأكثر مما نستفيده من غيرهما من الحواس صار الوصف بالسمع والبصر مبالغة في كونه عالما. فمتى دللنا على كونه تعالى عالما لذاته وأنه تعالى محيط جميع المعلومات ثبت أنه عالم بالمسموعات والمبصرات التي يعلمها غيره من جهة السمع والبصر، فكان سميعا بصيرا بهذا المعنى ال واعلم أن الخلاف في كونه تعالى سميعا بصيرا فرع على الخلاف في كونه تعالى مدركا، فمن ذهب إلى أن كونه تعالى مدركا أمر زائد على كونه تعالى حيا وعالما كما هو مذهب الشيخ أبي هاشم وأصحابه، قال: السميع البصير هو الذي يصح أن يختص بهذه الصفة اعني كونه مدركا عند وجود المدرك. ومن ذهب إلى أن كونه تعالى مدركا ليس أمرا زائدا على كونه تعالى عالما- كما يقوله البغداديون- قال: إن كونه تعالى سميعا بصيرا مدركا ليس الا أوصاف المبالغة في كونه تعالى عالما من غير أمر زائد، كقولنا عالم وعليم.

الأمر الثاني في الدلالة على كونه تعالى سميعا بصيرا ويدل على ذلك أنه تعالى حي ليس بذي آلة فيجب أن يكون سميعا بصيرا. أما أنه تعالى حي فقد مر، وأما أنه تعالى ليس بذي آلة؛ فلأن الآلات إنما تجوز على الأجسام، وسيجيء الكلام على استحالة كونه تعالى جسما، فثبت أنه تعالى سميع بصير.

القول في كونه تعالى مدركا وفيه خمس مسائل:

Страница 184