Французское владычество над Египетскими и Сирийскими землями

Никула Турки d. 1243 AH
41

Французское владычество над Египетскими и Сирийскими землями

ذكر تملك جمهور الفرنساوية الأقطار المصرية والبلاد الشامية

Жанры

فشرعوا أولا في بناية القلعة التي في كوم الزيت بين القلعة الكبيرة وقلعة كوم الغريب، ثم شرعوا أيضا في بناية قلعتين فوق الكومين الخارجين من باب النصر، ثم شرعوا أيضا في بناية القلعة فوق باب النصر، وقلعة ثانية فوق باب الفتوح، وقلعة فوق باب العدوة، وقلعة فوق باب الحديد، وشرعوا أيضا في بناية قلعة فوق باب الريش الخارج عن المدينة ما بين العدوة والحسنية، وهذا الكوم كانت العساكر العثمانية تحارب عليه الفرنساوية في مدة الحصار وأخذته منهم الفرنساوية قوة واقتدارا ليلة تلك الأمطار، ثم شرعوا أيضا في بناية قلعة فوق كوم الذي بين اليزبكية وبولاق، وفي بناية قلعة في بولاق من جهة البحر فوق كوم السبيتة، ووجدوا سورا قديما كاينا من باب النصر إلى باب الحديد قد تغطى من العمارات على مدى الزمان، فأمر المهندسون بكشفه، وهذه القلعة بنوها مع السور المذكور، ثم شرع أيضا يعقوب القبطي الجنرال بعمل سور وأبراج حول دور النصارى والأقباط لما قاساه في مدة الحصار ، الذي قد كان آيلا لهتك الأستار وفضح الأحرار وقطع العمار والدمار والدثار، فهذا ألزم يعقوب الجنرال لهذه العمار، ولكن لم يكمل عماره إلا في زمان الأمير منو، كما سيأتي ذكره فيما بعد.

فقد قلنا سابقا إن مراد بيك لم يرد يدخل القاهرة مع ناصيف باشا وعثمان بيك كتخدا الدولة وباقي الغز المصريين، بل بقي خارجا عنها جايلا في بر الجيزة مدة أربعة وثلاثين يوما بشردمة وجيزة، وكانت نفسه في مسافة هذه المدة المذكورة تتوق إلى الصلح مع الفرنساوية؛ لما شاف من ضعف العساكر العثمانية وقوة بطش الفرنساوية، وقد كان أمير الجيوش يود انتظامه ويؤثر التئامه، فوجه له برطولمي الساقزلي الجنرال وهذا كان يتكلم بأربعة ألسن؛ العربية التركية الرومية والطليانية، وكان متربيا في مدينة مصر وله الدالة في بيوت السناجق والكشاف، فسار هذا لعند مراد بيك وأخبره أن أمير الجيوش يروم اتحاده لا إبعاده ويرغب وداده لا جلاده ويرفع أحقاده، ويبطل جلاده ويأخذ من الصعيد بلاده ويريح فواده ويكسب نفسه وأجناده.

فلما فهم مراد بيك هذا الخطاب انشرح صدره وأجاب إلى الصلح والاصطلاح وإبطال الحرب والكفاح؛ صيانة للأجساد والأرواح ليلا يفتح العزيز الفتاح بابا غير هذا الباب للفرج والنجاح، وقد كان عند مراد بيك رجلا من خدامه قايما بتدبير أمر المدافع يدعى حسين أغا الزانطلي، وهو من مدينة زانطة، وأسلم في مصر مع إخوته الاثنين وكانوا جميعهم في خدمة مراد بيك قايمين، وهذا المذكور أيضا كان يتكلم بأربعة ألسن فأرسله مراد بيك إلى الأمير كليبر لأجل إتمام الصلح بينهما، وبواسطة هذين الشخصين تم الاتفاق وارتفع الانشقاق، وانعقدت المشورة على أن مراد بيك يصنع وليمة للأمير كليبر في جزيرة الذهب القريبة من الجيزة ويدعوه إليها وهناك يكون الاتفاق، فركب أمير الجيوش إلى الجيزة ومعه عثمان بيك البرديسي وعثمان بيك الأشقر، وسار بنفر قليل إلى مقابلة مراد بيك فحين وصل وتقابلا تلاقاه مراد بيك بكل بشاشة، وتصافحا مصافحة الإخوان وجلسا في ذلك الديوان بالسرور والأمان وجلس معهما داماس الوزير ودميانوس الترجمان، ووقفت جميع السناجق والكشاف.

ثم بعد المخاطبة والكلام بالترحيب والإكرام أمر مراد بيك إلى الواقفين بالخروج وهناك عاهد الأمير الجيوش إلى مراد بيك العهد التام وأنه يقيم في بلاد الصعيد بعيش رغيد مع ساير من يروم إقامته من الغز والمماليك هناك، وصرفه بجميع ما له من الأملاك ويكون حاكما على مدينة جرجة ويدفع للمشيخة مال ميريها المترتب عليها وأنه يرسل إلى إبراهيم بيك وبقية الغز أن يكون لهم الأمان، ثم عاهده أيضا أنه إذا أخلت الفرنساوية الديار المصرية فلا يكون تسليم هذه المملكة إلا له دون غيره من الدول، فانشرح مراد بيك بهذا الأمل.

وبعد إتمام الكلام وبلوغ المرام أهدى مراد بيك لأمير الجيوش سيفا ثمينا وخنجرا عظيما، وإلى الوزير داماس سيفا من الهندوان، وإلى الترجمان خاتما ثمينا من ألماس، وبعد ذلك قدم له صفرة الطعام وآنية المدام، كلها من المواكيل الفاخرة بالروايح العاطرة، فأكلوا وشربوا ولذوا وطربوا، وطالت لهم الأوقات بالحب والمسرات، واتصل بينهم الوداد وتركوا البغضة والعناد.

ثم إن مراد بيك طلب من أمير الجيوش حضور العساكر الفرنساوية من المشاة والخيال ليلعبوا أمامه ويتفرج على ما يعملون في حربهم من الصناعة والفنون، فأمر أمير الجيوش بإحضار خمسماية صلدات من الجيزة فحضروا بمدة وجيزة، وطفقوا يلعبون ويظهرون ما عندهم من الحرب والفنون؛ صناعة تأخذ العقول وتدهش العيون، فانشرح مراد بيك من تلك الفرجة وأخذه الفرح والبهجة، ثم ركبت الغز المماليك وبدوا يلعبون على الخيل ملاعيب الحرب القوية، فانشرح أمير الجيوش وشهد لهم في الثبات والفروسية وقال لمراد بيك: إن فوارسكم أصنع في الطعن وأثبت في الحرب على الخيل بالميدان.

وبعد انقضاء النهار نهض أمير الجيوش على أقدامه وقام مراد بيك لقيامه وودعوا بعضهم بعضا بالأنس والسرور والغبطة والحبور، وخرج أمير الجيوش من ذلك المكان وبدا يرمي الذهب الكبير على ساير الأنام ولم يزل على ذلك الشان إلى أن صار خارج الديوان، فقدم له مراد بيك جوادا وإلى وزيره جوادا من الخيول الجياد بالعدد الكاملة، وسار أمير الجيوش إلى الجيزة ومن هناك أرسل إلى مراد بيك فرمان التصريف مع حسين أغا الزانطلي، وأعطى للمذكور وظيفة سنجاقية، وأقام كتخدا مراد بيك، وتوجه مراد بيك للصعيد وكان معه عثمان بيك البرديسي وعثمان بيك الأشقر وسليمان بيك وأحمد بيك الكورجي وعثمان بيك الطوبجي، وقام في الصعيد بعيش رغيد واجتمع عليه من السناجق والكشاف من تلك الأطراف والأرياف.

وقد تقدم القول إن الوزير الأعظم بعد إمضاء الشروط أرسل صورة الاتفاق إلى الدولة العلية والمملكة العثمانية، وصار فرح عظيم بمدينة القسطنطينية وبساير الأقطار الإسلامية، وأشحنت التجار أصناف البضايع في السفن البحرية السايرة إلى الإسكندرية لعلمهم أن الأقطار المصرية تسلمتها الدولة العثمانية، وما توفق وصولهم إلا بعد فساد الصلح والنية، وعندما أقبلوا على الإسكندرية ونظرت إليهم الفرنساوية فرفعوا لهم السناجق العثمانية فدخلت تلك المراكب إلى البواغيظ من غير خوف ولا تحريز، وأرموا المراسي والحبال وهم بإغضاء بال ونزلت رؤساء المراكب إلى البر وهم مؤامنين، فقبضت عليهم الفرنساوية وأرسلوا ضبطوا المراكب بما فيهم، وكانوا نحو ثلاثين مركبا صغار وكبار وبهم من البضايع ما يحير الأنظار، وأرسلوا أعلموا أمير الجيوش بتلك الأخبار، وذكروا له أن البحرية أكثرهم أروام وما فيهم إلا قليل إسلام، فأمر أمير الجيوش أن تباع البضايع على التجار، وأمر إلى نقولا الجنرال أن يتوجه للإسكندرية ويعين عنده الأروام النوتية، فسار المذكور كما أمر أمير الجيوش وعين عنده الأروام، وألبسهم لبس الصلدات الفرنساوية.

وأما وزير الختام بعد كسره ورجوعه إلى غزة بالذل بعد العزة وقد تفرقت تلك الجيوش والأمم في الصحاري والآكام وخرجت الغز من القاهرة بالقهر والإرغام، وشاعت أخبار هذا الانكسار في ساير النواحي والأقطار لأنه من غرايب الأمور وعجايب ما يحدث في العصور والأزمنة والدهور، أن فئة يسيرة تشتت عدة ملايين غزيرة وتقوى وتقتدر وتظفر وتعلو وتنتصر، فهذا يحير الأفكار ويدهش الأسماع والأبصار، فالعزة لله القوي الجبار.

وقد ارتجت ممالك الإسلام رجة قوية ووقع عليهم الخبال من تلك الأحوال، وابتدت أصحاب العقول في الافتكار وتدبير ما يزيل عنهم هذا العار ويبدد هؤلاء الكفار، وقد كان في مدينة القدس المحمية أحد أغاوات الإنكجارية اسمه أحمد أغا من مدينة حلب القوية، فهذا يجول بأفكاره على شخص مغوار، أو مغازي يغار، أو محتال غدار، أو خبيث مكار يحتال بالفطنة والاختيار على قتل ذلك الرهط الجبار والبطل القهار سلطان أوليك الكفار، ويسقيه كاس الدمار، وقد اجتهد في ذلك التدبير والأمر الصعب العسير الذي لا يقدم عليه إلا كل ليث خطير، أو شجاع مغير يطلب المناداة والموت في المغازاة، أو طمعا في المكاسب وعلو المراتب.

Неизвестная страница