المواضع - أنه ليس يرى أن المواضع المغلطة المنسوبة إلى هذه الصناعة هى جميع المواضع التى يعرض منها الغلط لنا كيف ما اتفق. بل وبشرطين: أحدهما: أن يكون تغليطها ذاتيًا، أعنى أن يكون الغلط فيها عارضًا لنا بالطبع كثيرًا، مثل الأوضاع التى توجب بطبعها من غلط الحواس فيها، لأنه إنما استنبط هذه المواضع من استقراء الغلط فى نظر النظار فى الأشياء الموجودة، كالحال فى استنباطه سائر قوانين هذه الصنائع.
والشرط الثانى: أن يكون الموضع يفيد الكذب دائمًا أو على الأكثر، ولا يكون جزءًا من صناعة غيرها من الصنائع المنطقية.
وإذا كان ذلك كذلك، فإنما لم يعدد فى الأشياء التى توهم فيما ليس بنقيض أنه نقيض إلا ذينك الموضعين فقط، لأنهما سبب الغلط الواقع بالطبع للجميع أو للأ كثر فى هذا الجزء من التبكيت. وسائر المواضع - فإنما تغلط فى الأقل. وما كان فعله أقليًا، فليس يجب أن يعد جزءًا من هذه الصناعة، إذا قصد أن تكون هذه الصناعة صناعة فاعلة للتغليط. وذلك أنه كما أن الصناعة المعتنية بفعل السموم ليس تضع جزءًا من صناعتها ماهو سم فى الأقل، بل ماهو سم على الأ كثر أو بالضرورة، كذلك الأمر فى الأشياء التى تتنزل من هذه الصناعة منزلة الاسطقسات. فإذن المواضع التى ينبغى أن تعد جزءًا من هذه الصناعة هى التى تكون قلة شعورنا بها أكثريًا، وتكون مع ذلك إفادتها الكذب إما دائمًا، وإما أكثريًا.
1 / 67