وأما التغليط الذي يعرض من أخذ المقيد مطلقًا، فمثل أن يقول قائل: إن كان ما ليس بموجود فهو متوهم، والمتوهم موجود، فما ليس بموجود فهو موجود.
أو يقول: إن كان ما هو موجود متوهمًا ليس بموجود، فما هو موجود، فليس بموجود.
وهذا إنما يصدق إذا قيد، لا إذا أطلق. وذلك أن ما ليس بموجود خارج الذهن، فهو موجود فى الوهم لا بإطلاق. وكذلك ما هو موجود فى الوهم، فهو غير موجود خارج الوهم لا بإطلاق.
وأعنى أن يكون الشىء يصدق لا بإطلاق، فيلزم منه أن يصدق، وإنما يعرض الغلط فى هذا الموضع إذا عرض أن يكون الخلاف بين المطلق والمقيد فى المعنى يسيرًا وخفيًا. وكلما كان الخلاف أخفى، كان الغلط فيه أكثر، والوقوف على وجه الغلط فيها أعسر. وكلما كان أظهر، كان الغلط فيه أقل، والوقوف عليه أسهل. وذلك يختلف بحسب المواد. وفى بعض المواضع يمكن أن يعرض فيه غلط ليس يسهل حله. وفى بعض المواضع يعرض فيه غلط بسهل حله.
ومثال ذلك أن يقول قائل: الزنجى أسود، والزنجى أبيض الأسنان، فالزنجى إذًا أسود أبيض معًا.
فإنه قد يمكن أن يعرض فى مثل هذا هذا الغلط، إذ كان الخلاف الذي بين سواد الزنجى وبياض أسنانه خفي. ولذلك يمكن أن يسلم إنسان ما أن الزنجى
1 / 30