ووضح الْحق فِيهَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق.
(١٧) فصل
[٤٦] فَإِن قيل: قد دللتم على اسْتِحَالَة تَكْلِيف من لَا يعقل، فَهَل تطردون / قَود هَذَا الدَّلِيل فِي [الساهي والغافل، قي] ل: مَا سَهَا عَنهُ [٥ / أ] الْمَرْء فَلَا يتَحَقَّق تعلق التَّكْلِيف بِهِ مَعَ سَهْوه عَنهُ وَمَا قدمْنَاهُ من الدَّلِيل يطرد فِي هَذِه الْمَسْأَلَة. وَإِن أَحْبَبْت إِعَادَة الدّلَالَة فِي معرض يتخصص بِهَذِهِ الصُّورَة، قلت: التَّكْلِيف يَقْتَضِي إِلْزَام الْمُكَلف الْقَصْد إِلَى امْتِثَال أَمر الْمُكَلف فِيمَا كلف، والسهو عَنهُ يُنَافِي قصد الِامْتِثَال فِيهِ مَعَ تَقْدِير اسْتِمْرَار السَّهْو، وَالَّذِي يُوضح ذَلِك أَنه لَو سَاغَ مَا قَالَه الْخصم أَنه لَو جَازَ تَكْلِيف الساهي مَعَ سَهْوه لجَاز تَقْيِيد الْخطاب بسهوه حَتَّى يرد الْخطاب مُقَيّدا بِهِ، وتمثيله أَن يرد الْأَمر بِالْقَصْدِ إِلَى مَا القاصد ساه عَنهُ. فَهَذَا فِي نِهَايَة التَّنَاقُض. فَإِن من قَالَ لمن هُوَ دونه: اقصد فعلا فِي حَال كونك سَاهِيا عَنهُ كَانَ مُبْعدًا، فَكيف يتَحَقَّق مِنْهُ الْعلم بالسهو عَن الْمَأْمُور بِهِ، وَلَو علم سَهْوه عَنهُ كَانَ عَالما بِهِ غير ساه، فَلَمَّا اسْتَحَالَ تَقْيِيد الْخطاب بذلك تَصْرِيحًا اسْتَحَالَ انطواؤه عَلَيْهِ تضمنا وَهَذَا مَا لَا محيص عَنهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق.
1 / 139