يحاول إقناعي بأن آكل قطعة أخرى من محشي الكرمب. لا أحبه. أبعد فمي عن يده التي حملت قطعة. يقول: فاضل صباع. كل عشان نرجع الطبق. تخصص لنا زوجة الكونستابل جانبا مما تطهوه مقابل مبلغ شهري. أرفض. يأكل هو الإصبع المتبقي. يحمل الطبق إلى المطبخ. يعود بعد أن يغسله. ينفض الماء عنه في الأرض. يجففه بالفوطة. يناولنيه قائلا: إوعى يقع منك. آخذه وأخرج إلى الصالة. أطرق باب الكونستابل. نور المصباح الكهربائي يبدو أسفله. أطرقه مرة أخرى ثم أصيح: أنا يا ست «تحية».
تفتح لي باسمة. ترتدي روبا أبيض حريريا مثبتا بزرار في خصرها. رائحة السجائر. أتلصص بعيني خلفها. لا أحد. الفراش الضيق متناثر الأغطية. هل يسعها هي والكونستابل؟ شوفينيرة على اليمين من عدة أدراج استقرت فوقها مرآة كبيرة الحجم معتمدة على الحائط. هناك شرخ في أعلاها. تتناول مني الطبق. الدماء تندفع إلى وجهي.
أعود جريا إلى غرفتنا. أجلس إلى المكتب وأبدأ في حل واجب الحساب. أشعر بسخونة وبصعوبة في البلع. يجس أبي جبهتي. يحضر كوبا من الماء. أدير وجهي بعيدا لكنه يأمرني في حزم أن أفتح فمي. أبتلع قرص «الأسبيرين». يلف منديلا حول عنقي فوق اللوزتين الملتهبتين. يصحبني إلى الكنيف لأتبول. باب غرفة الكونستابل مغلق. صوت الراديو ينبعث من خلفه. نعود إلى الغرفة. يساعدني على ارتقاء الفراش. يحكم الغطاء من حولي. يطمئنني أنه سيحل لي الواجب.
أغفو وأستيقظ. أراه في مواجهتي مستندا بظهره إلى قائم السرير. النظارة منحدرة فوق أنفه وكراسة الحساب في يده. فوق رأسه طاقية بيضاء مربعة. أغفو مرة أخرى.
أنتبه لصوت جهوري. «علي صفا» صديق أبي. يحمل في يده عصا خشبية قصيرة ذات لون بني لامع تنتهي بقطعة من الجلد. يرتدي بزة بنية اللون. تبدو من حافة طربوشه خصلات شعر ناصعة البياض. يصيح: هو ده «خليل» بتاع زمان؟ مش معقول. قوم يا راجل نخرج. فيه بارتيتة «بوكر» حلوة. يقول أبي: هس. الولد نايم وعنده حرارة.
يجر «علي صفا» كرسي المكتب أمام السرير. يجلس أبي أمامه فوق السرير مدليا ساقيه. يجيل «علي صفا» نظراته في أنحاء الغرفة. يهز رأسه متعجبا. يوشك أن يقول شيئا ثم يلزم الصمت.
يقول بعد لحظة: سمعت آخر فضائح الملك؟ عجبته مراة واحد ضابط. أمر قائده يحجزه في القشلاق. الفار لعب في عب الضابط فهرب وراح بيته. لقى مراته مع الملك في السرير. الملك رفع طبنجته وضربه بالرصاص. وتاني يوم أنعم على أبوه بالباشوية. مش عارف الشعب حيفضل ساكت لإمتى؟ يقول أبي: وحيعمل إيه الشعب؟ خليها على الله. يتساءل «علي صفا»: يا تري الإخوان المسلمين ناويين يقتلوا مين بعد وكيل محكمة الاستئناف؟
أجاهد حتى أظل مستيقظا. يتلاشى صوته. أتبين أنه يتحدث همسا. أرهف السمع: ... عمرها 16 سنة. أبوها مات وعايشة مع أمها لوحدهم. كانوا واقفين على البسطة بيفاصلوا بياعة زبدة. أمها عملت مكسوفة واستخبت ورا الباب. البنت فضلت واقفة. كانت لابسة قميص نوم بفتحة صدر واسعة. حاطة روج خفيف في شفايفها. لأول مرة آخذ بالي إنها كبرت. كنت أقابلها دايما على السلم من غير ما أهتم بيها. لما وطت على مشنة الزبدة شفت بزازها. اللهم صلي على النبي. عملت زي ما أكون ناوي أشتري. سألت عن سعر الزبدة. كانت بتبتسم مكسوفة. ولاحظت إنها بتدعك شفايفها ببعض. يمكن عشان تحمرهم زيادة.
يشعل أبي سيجارته ويعلق: البنات بتكبر بسرعة. يواصل «علي صفا»: بعد كام يوم سمعتها بتصرخ متوجعة. خبطت على بابهم. فتحت وهي تعرج. قالت لي: ركبتي يا عمو. يقاطعه أبي ضاحكا: ركبتي يا عمو.
يستطرد «علي صفا»: ما لها ركبتك يا حبيبتي؟ قالت اتخبطت. سألتها إنت لوحدك؟ قالت لي ماما خرجت. قلت لها وريني، فين بالضبط؟ سندت رجلها على كرسي ورفعت قميص النوم لحد ركبتها. سبحان الخالق المبدع. تقول مرمر؟ سمانة متينة ومنحوتة نحت. كان نفسي ساعتها أركع وأحط شفايفي عليها. قلت لها ادعكيها وهي تخف، ولا أقولك تدهنيها بمرهم. سبتها واقفة وحاطة رجلها على الكرسي ودخلت جبت مرهم الروماتزم اللي بادهن بيه مفاصلي. اديتها الأنبوبة وقلتلها تدهني بيها. كان نفسي تطلب مني أدهن لها . لكنها نزلت رجلها وخدت الأنبوبة وقالتلي متشكرة يا عمو.
Неизвестная страница