Тахлис аль-Ани
كتاب تخليص العاني من ربقة جهل المعاني للقطب اطفيش تحقيق محمد زمري
Жанры
خاطبته بأمر فإنه يستحضره أو ينكره أو يشك فإنك تؤكد له، وإذا لم يكن داع ما إلى التأكيد فالتأكيد غير جائز لعدم الحاجة إليه ؛ تقول: " قام زيد " ،وتقول لحافظ القرآن الذي خلا ذهنه عن علمك بحفظه وعدمه والتردد: " حفظت القرآن " بلا تأكيد . ويجوز أن يلتحق بخالي الذهن منكر الحكم أو الشاك فيه إذا كان معه من الدلائل ، ما إن تأمله بعقله ارتدع عن الإنكار أوعن شكه، كقولك لمنكر الإسلام : " الإسلام حق " بلا تأكيد ، وإن أكدت فقلت: " إن الإسلام حق " ، " وإن الإسلام لحق " ، و " والله إنه لحق " جاز . وإن وجد الدليل في نفس الأمر ولم يكن معه لم يلحق بخالي الذهن وممن التحق به لوجود الدليل معه - المخاطبون بقوله تعالى: { لا ريب فيه } (¬1) فإن المشركين أنكروه ، لكن إنكارهم كالعدم لوجود أدلة ؛ كون القرآن ليس من مظان الريب ، فمعنى { لا ريب فيه } أنه ليس مما يقبل الشك لوضوح أدلة كونه حقا ، وهذا المعنى أنكروه وجعلوا القرآن قابلا للشك، وشكوا فيه بل أنكروه، ومع هذا لم يؤكد لوضوح الأدلة ، وليس معناه أنه لم يشك فيه، فضلا عن أن يقال: إن الأحسن أن يقال: تنزل ريب المرتابين منزلة عدمه تعويلا على وجود ما يزيله من الأدلة الواضحة ، ولا يقال: إنه قد أكد في الآية بكون النفي بلا النافية للجنس ، لأنا نقول: هذا النفي قدر لا بد منه بحيث يفيد الاستغراق نصا ، وإنما التأكيد المتكلم عليه الآن أن يزاد على القدر الواجب للكلام، مثل: " والله لا ريب فيه "، ولا يخفى أن الآية خطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة تبع بدليل الخطاب بإليك وقبلك ، لكنهم لم يرتابوا،فهي موجهة للمرتابين المشركين؛ وهذا التوجيه خطاب لهم .
Страница 79