124

وأما وجه التأويل فيها فهو أن يحمل على غسل اليد، فقد روي عن بعض الصحابة.. روى مصعب بن سعد بن أبي وقاص أن أباه أمره بذلك، وذلك كما تأول عامة العلماء ما روي في الوضوء من أكل ما مسته النار على غسل اليد، وهذا لا يمتنع أن يؤمر الإنسان به على سبيل الاحتياط؛ لأن ذلك الموضع ربما تصيبه بلة من النجاسة، كما روي: (( إذا استيقظ أحدكم من منامه، فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا، فإنه لا يدري أين باتت يده )).

وأما وجه التعارض، فلأنه روي وجوب الوضوء من مس الذكر، وروي أن لا وضوء منه، فهذا ظاهر في التعارض، فإذا تعارضت، سقطت، ووجوب الرجوع إلى الأصل في أنه لا وضوء منه، كأنه لم يرو فيه شيء.

فإن قيل: خبر إيجاب الوضوء أولى؛ لكثرة رواته.

قيل له: بل خبر نفيه أولى؛ لسلامة سنده، ولقول علية الصحابة بموجبه، وهذا الترجيح أولى من كثير من التراجيح التي تذكر في هذا الباب، فإما أن يترجح خبرنا أو يتساوي الخبران، وكلاهما يوجب أن لا وضوء منه.

فأما طريقة القياس فيه فواضحة؛ لأنه مقيس على سائر الأعضاء بعلة أنه بعض الإنسان، وهذه علة قوية؛ لأن النبي صلى الله عليه/61/ وآله وسلم نبه عليها بقوله: (( هل هو إلا بضعة منك؟ ))، على ما بيناه فيما مضى.

مسألة [ في لمس المرأة ]

قال: ولا ينقضها لمس المرأة.

وهذا قد نص عليه في كتاب (الأحكام)(1)، وهذا أيضا مما أجمع عليه أهل البيت عليهم السلام، ويدل على ذلك:

ما أخبرنا به أبو العباس الحسني، أخبرنا محمد بن جعفر الأنماطي، حدثنا علي بن هرمز ديار، حدثنا أبو كريب، حدثنا حسين الجعفي، عن زائدة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقبل بعض نسائه، ولا يتوضأ )).

Страница 124