ولقد بلغ من خطر الدور الذي قام به شيلوك أن المسرحية كادت تسمى باسمه بدلا من اسم أنطونيو تاجر البندقية. فقد وجد في أحد السجلات القديمة “Stationers Registers”
تعريف بهذه المسرحية هكذا: «هذا كتاب تاجر البندقية، أو كما يسمى باسم آخر: يهودي البندقية.» ولقد يدلنا هذا النقش الوثيق على أن شكسبير كان في شك من أن يسمي مسرحيته بإحدى التسميتين نسبة إلى أنطونيو أو شيلوك. وأيا ما كان الأمر فإن شيلوك هو «شخصية» هذه المسرحية، وما عداه من الشخصيات فتبع له. ولكن أنطونيو من ناحية الدراما هو شخصية هذه الرواية، فلولاه ما كان لشيلوك ظهور ...
جسيكا
ابنة شيلوك اليهودي، ولكنها لا تبدو في أي موقف من مواقفها في المسرحية على صورة تنفر القارئ أو المشاهد، فقد اجتمع لها من اللطف والوداعة والجمال ما ينسينا كثيرا من سيئات أبيها، حتى لقد يظن الظان أنها ليست من طينته، ولا من ديانته، فهي كما يقول سالارينو مخاطبا شيلوك بعد حادثة هربها: «بين دمك ودمها من البون مثل ما يختلف النبيذ الأحمر عن النبيذ الأبيض!»
على أن فرار جسيكا في ذاته مع عشيقها المسيحي لورنزو قد يحملنا على فرض احتمالين لا ثالث لهما: فإما أن تكون الفتاة فتاة غير طيبة، وإما أن يكون أبوها غير طيب. وخاصة بعد أن سرقت معها جمهرة من مال أبيها، ولكننا حين نلتمس لها العذر في الفرار من بيت ضرب الشح والحرص والتقتير عليه بجرانه، فإننا لا نعفيها من بعض اللوم على سلوكها هذا. ومن عجب أن هذه الفتاة المحرومة قد آلت إليها أموال أبيها شيلوك بعد أن خسر قضيته مع أنطونيو. وصار مصيدا بعد أن كان طالب صيد ...
لورانزو
هو عاشق جسيكا ابنة شيلوك اليهودي. وقد هرب بها في ليلة كان أبوها فيها مدعوا إلى حفل تنكري. وساعده على الهرب بها وبالمال الذي حملته جراتيانو وسالارينو، وهما من أصدقاء أنطونيو وباسانيو، وكأنما كان شيلوك يحس بما سيحدث تلك الليلة، فقد خاطب ابنته موصيا إياها بتغليق الأبواب وإحكامها وحذرها أن تذهب إلى النافذة لتطل منها ... ومن عجب أن تهرب جسيكا مع لورنزو إلى بيت بورسيا وزوجها باسانيو، وأن يتولى العاشقان الهاربان الإشراف على هذا القصر حتى تعود بورسيا منجزة مهمة دفاعها النبيل عن أنطونيو وهي متنكرة في بزة فتى من أقدر المحامين.
بقيت بعد هذا شخصيات جراتيانو وسالارينو وهما من أصدقاء أنطونيو وباسانيو. وقد بلغ بهما صدق المودة وخلوص الحب حدا يضمهما في إطار فريد نادر من الصداقة التي تجلى مثلها الرفيع في أنطونيو.
أما طوبال اليهودي صديق شيلوك فهو شخصية ثانوية الأهمية، ولكنه على كل حال كان يحمل إلى شيلوك أطرف الأخبار وأسوأها ... حمل إليه نبأ خسارة سفينة من سفن أنطونيو، كما حمل إليه في اللحظة عينها نبأ عن ابنته الهاربة جسيكا أنها أنفقت ثمانين دوقية ذهبية في ليلة واحدة بمدينة جنوا ... ويا للمفارقة بين النبأين!
أما شخصية لنسلو جوبو فهي شخصية تعتمد على عنصر الضحك والغرابة. لقد كان في خدمة شيلوك اليهودي، ولكنه وجد من سوء عشرته ما لا يطمع بالبقاء عنده، فتركه إلى خدمة باسانيو. والحق أن بيت شيلوك كان يشبه قطعة من الجحيم ... ولقد عبرت عن ذلك جسيكا ابنة شيلوك حين خاطبت لنسلو جوبو قائلة: «أنا متكدرة لتركك أبي، وستكون لك وحشة في هذا البيت الجهنمي.» ولقد انتقل لنسلو إلى بيت باسانيو - أو إلى قصر بورسيا - حيث أوت إليه جسيكا مع عشيقها وزوجها لورنزو، وحيث صارت إليها ثروة أبيها شيلوك وأمواله الواسعة ...
Неизвестная страница