إذا كتبتْ أنفاسُه بعضَ وجدِها ... على صفحةِ الذكرى محاه زفيرُها
ترفَّقْ رفيقي هل بدتْ نارُ أرضِهم ... أم الوجدُ يُذْكى نارَه ويثيرُها
أَعِدْ ذكرَهم فهو الشفاءُ، وربما ... شفى النفسَ أمرٌ ثم عادَ يضيرُها
ألا أين أزمانُ الوصال التي خلتْ ... وحَلّت خَلَت خَلَّت وحالَ مريرُها
سقى الله أيامًا مضتْ ولياليًا ... تَضَوَّع رَيَّاها وفاحَ عبيرُها
وقرأ عليه جماعة، منهم: طلحة العلثي، وأبو عبد الله بن تيمية خطيبُ حران، وذكر في أول تفسيره أنه قرأ عليه كتابه "زاد المسير في التفسير" قراءة بحث ومراجعة، وسمع الحديث وغيره من تصانيف خلق لا يحصون كثرة من الأئمة والحفاظ والفقهاء.
وروى عنه خلق، منهم: ابنه محيي الدين، وسبطه أبو المظفر الواعظ، والشيخ موفق الدين، والحافظ عبد الغني، وابن القطيعي، وابن النجار، وابن عبد الدائم، وعبد اللطيف الحراني، وهو خاتمة أصحابه بالسماع، وروى عنه آخرون بالإجازة، وقد نالته المحنة في آخر عمره، وحديثُها يطول، وأنشد في مجلس:
اللَّهَ أسألُ أن يطوِّلَ مدَّتي ... وأنالَ بالإنعام ما في نِيَّتي
لي هِمَّةٌ في العلم، ما من مثلِها ... وهي التي جَنَتِ النُّحولَ هي التي
خلقت من الفلق العظيم إلى المنى ... دُعيت إلى نَيْل المكارم لبَّتِ
كم كان لي من مجلسٍ، لو شبهت ... حالاتُه لتشبهَتْ بالجنةِ
أشتاقه لما مضت أيامُه ... عللًا وتعذر ناقةٌ إن جنتِ
فهل لِليلات بجَمْعٍ عودةٌ ... أم هل إلى وادي مِنًى من نظرةِ
قد كان أحلى من تصاريف الصّبا ... ومن الحَمام مغنِّيًا في الأيكةِ
فيها البديهاتُ التي ما نالَها ... خلقٌ بغير مخمر ومبيتِ
برجاحةٍ وفصاحةٍ وملاحةٍ ... يقضي لها عدنانُ بالعربيَّةِ
وبلاغةٍ وبراعةٍ ويراعةٍ ... ظنَّ النُّباتيْ أَنَّها لم تنبُتِ
وإشارةٌ تُبكي الجُنَيْدَ وصحبَه ... في رِقَّةٍ، ما قالَها ذو الرُّمَّةِ
1 / 59