مَنْدَهْ ما لفظه: صنف "مناقبَ" الإمام أحمد ﵁ في مجلد كبير، وفيه فوائد حسنة، وقال في أوله: ومن أعظم جهالاتهم - يعني: المبتدعة -، وغلوهم في مقالاتهم، وقوعُهم في الإمام المرضي، إمام الأئمة، وكهف الأمة، ناصر الإسلام والسنة، من لم تر عين مثله علمًا وزهدًا وديانة وأمانة، إمامِ أهلِ الحديث: أحمدَ بن محمد بن حنبل الشيباني - قدس الله سره، وبرد عليه ضريحه -، الإمامِ الذي لا يُجارى، والبحر الذي لا يُبارى، ومن أجمع أئمةُ الدين في زمانه، على تقدمه في شأنه ونبله وعلو مكانه، والذي له من المناقب ما لا يعد ولا يحصى، قام لله تعالى مقامًا، لولاه لتجهم الناس، ولمشوا على أعقابهم القهقرى، ولضعف الإسلام واندرس العلم.
ولقد صدق الإمام أَبو رجا، قتيبةُ بن سعيد البغلاني حيث قال: إن أحمد في زمانه بمنزلة أبي بكر وعمر في زمانهما، وأحسنَ من قال: لو كان أحمد في بني إسرائيل، لكان آية، أعاشنا الله تعالى على عقيدته، وحشرنا يوم القيامة في زمرته -.
وحين وقفت على سرائر هؤلاء، وخبثِ اعتقادهم في هذا الإمام، قصدت لمجموع نبهت فيه على بعض فضائله، ونبذة من مناقبه؛ وذكرت طرفًا مما منحه الله تعالى من المنزلة الرفيعة، والرتبة العلية في الإسلام والسنة، مع أني لست أرى لنفسي أهلية لذلك، وأن المشايخ الماضين قد عنوا بجمعه فشفوا؛ لكني أردت أن يبقى لي بجمع مناقبه ذكر، وأن أكون متشرفًا فيما بين أهل العلم من أهل السنة بانتسابي إليه، وتحلي مذهبه وطريقته.
قال فوران: ماتت امرأة لبعض أهل العلم، فجاء يحيى بنُ معين والدَّورقي، قال: فلم يجدوا امرأة تغسلها إلا امرأة حائضًا، فجاء أحمد وهم جلوس، فقال: ما شأنكم؟ فقال أهل المرأة: ليس نجد غاسلة إلا امرأة حائضًا، فقال أحمد: أليس تروون عن النبي ﷺ: "يا عائشة! ناوليني الخمرة"، قالت: إني حائض، فقال: "إنّ حيضتك ليست في يدك"، يجوز أن تغسلها، قال: فحجلوا. ومن أقواله ﵀: الدنيا دار عمل، والآخرة دار جزاء، فمن لم يعمل هنا، ندم هناك.
1 / 14