L
مقلوبا في زاوية الباب.
أرادت إيلي أن تبسط قدميها، ولكنها كانت خائفة. ولم تجرؤ على صرف عينيها عن الحرف المقلوب في زاوية الباب. إذا أغمضت عينيها، فسيذهب عنها الضوء. بجوار السرير، من ستائر النافذة، ومن الخزانة، ومن أسفل الطاولة اندفع الظل مصرصرا نحوها. أمسكت بإحكام بكاحليها، ودفعت بذقنها بين ركبتيها. ظهرت الوسادة منتفخة في الظل، حيث كانت الظلال المتقلبة تزحف إلى سريرها. إذا أغمضت عينيها، فسيذهب عنها الضوء.
كان الزئير الغامض المتواصل في الخارج يذوب عبر الجدران جاعلا الظلال المتعانقة ترتجف. أخذ لسانها ينقر في أسنانها كدقات الساعة. تصلب ذراعاها وساقاها، كما تيبس عنقها، وكانت على وشك الصراخ. صراخ يعلو دوي الضوضاء الجنونية بالخارج، صراخ يجعل أباها يسمعها ويعود إلى المنزل. التقطت أنفاسها وانكمشت مرة أخرى. ليت أبي يعود. تداخلت الظلال المدوية وتراقصت، وترنحت تدور وتدور. ثم كانت تبكي، وكانت عيناها مليئتين بالدموع الدافئة المطمئنة، التي كانت تسيل فوق وجنتيها وإلى داخل أذنيها. تقلبت وأخذت تبكي ووجهها مدفون في الوسادة. •••
اختلجت مصابيح الغاز لبعض الوقت في الشوارع الأرجوانية من أثر البرودة، ثم اختفى ضوءها تحت أثر الفجر المتقد. يسير جاس ماك نيل، والنوم لا يزال يداعب عينيه، بجوار عربته مؤرجحا سلة من الأسلاك ممتلئة بزجاجات الحليب، ويتوقف عند الأبواب جامعا الزجاجات الفارغة، ويصعد السلالم الباردة مستعيدا كيف يميز بين درجات الحليب المختلفة وأنصاف اللترات من القشدة والحليب الرائب، بينما تصبح السماء خلف الأفاريز، والخزانات، وقمم الأسقف، والمداخن وردية وصفراء. يتلألأ الصقيع على عتبات الأبواب وحواف الأرصفة. ويترنح الحصان ذو الرأس المتدلى قافزا من باب إلى آخر. هناك، يظهر أول آثار أقدام داكنة على الرصيف المفروش بالصقيع . تقرقع عربة جعة ثقيلة في الشارع.
صاح جاس ماك نيل في شرطي يلوح بذراعيه عند ناصية الجادة الثامنة، قائلا: «مرحبا يا مويكي، تشعر ببعض البرودة، أليس كذلك؟» «مرحبا جاس. ألا يزال البقر ينتج الحليب؟»
كان ضوء النهار قد انتشر عندما ضرب أخيرا باللجام الردف الهزيل لفرسه الخصي ورجع إلى منتجات الألبان، حيث تثب الزجاجات الفارغة وتهتز في العربة وراءه. في الجادة التاسعة، ينطلق قطار بالأعلى مصلصلا في وسط المدينة خلف محرك أخضر صغير تنبعث منه بقع من الدخان بيضاء وكثيفة كالصوف القطني، وتذوب في الهواء الغر بين المنازل المتجمدة ذات النوافذ السوداء. التقطت الأشعة الأولى للشمس النقش المذهب «نبيذ وكحوليات دانييل ماك جيليكودي» عند ناصية الجادة العاشرة. لسان جاس ماك نيل جاف وللفجر مذاق مالح في فمه. من شأن صفيحة من الجعة أن تجعله يشعر بتحسن في صباح بارد كهذا. لف اللجام حول السوط وقفز فوق العجلة. شعر بوخز في قدميه المخدرتين عندما اصطدمتا بالرصيف. دق برجليه لاستعادة تدفق الدم إلى أخمصي قدميه، واندفع عبر البابين المتأرجحين. «اللعنة علي إن لم يكن هذا هو بائع الحليب، جالبا لنا نصف لتر من القشدة لقهوتنا.» بصق جاس في وعاء البصق الملمع لتوه بجوار الحانة. «أيها الفتى، إنني عطشان ...»
قال الساقي مزمجرا بوجه أشبه بشريحة لحم مربعة: «لقد شربت الكثير من الحليب مرة أخرى يا جاس، أنا متأكد من ذلك.»
تفوح من الحانة رائحة منظف المناضد والنشارة الطازجة. عبر نافذة مفتوحة، داعب شعاع متورد لضوء الشمس ردف امرأة عارية تتكئ في هدوء كبيضة مسلوقة فوق فرشة من السبانخ في صورة ذات إطار مذهب خلف منضدة الحانة. «حسنا يا جاس، فيم ترغب في صباح بارد وجميل كهذا؟» «أظن أن الجعة ستكون اختيارا جيدا يا ماك.»
تصاعدت الرغوة في الكأس، مهتزة لأعلى، وتساقطت. مسح الساقي أعلى الكأس بملعقة خشبية، مما جعل الرغوة تسكن لبرهة، ثم وضع الكأس مرة أخرى أسفل صنبور يصدر صريرا ضعيفا. يضع جاس عقبه بارتياح على السياج النحاسي. «حسنا، كيف حال العمل ؟»
Неизвестная страница