أومأ وقبلها. بدت شاحبة وذابلة في فستانها الأسود. جاءت مايسي، التي كانت ترتدي فستانا أسود أيضا، تحفحف ثيابها، طويلة ومتوردة الوجنتين خلفها. «من الرائع أن أجد كلتيكما بمظهر جميل.» «بالطبع نحن كذلك ... بقدر ما يمكن توقعه. لقد مررنا يا عزيزي بوقت عصيب ... أنت رب الأسرة الآن يا جيمس.» «مسكين أبي ... أن يرحل هكذا.» «كان هذا شيئا فاتكا ... مات آلاف من الناس جراء الوباء في نيويورك وحدها.»
عانق مايسي بإحدى ذراعيه وأمه بالأخرى. لم يتكلم منهم أحد.
قال ميريفال وهو يدخل غرفة المعيشة: «حسنا، لقد كانت حربا عظيمة حتى النهاية.» تبعته والدته وأخته. جلس في الكرسي الجلد ومدد ساقيه بحذاءيه الملمعين. «لا تعلمان كم هو رائع أن يعود المرء للوطن.»
سحبت السيدة ميريفال كرسيها بالقرب من كرسيه. «الآن يا عزيزي أخبرنا بكل شيء عن الحرب.» •••
في ظلام المنحدر أمام باب المسكن، يمد يده ويسحبها إليه. «لا يا بوي، لا، لا تكوني قاسية.» تنشد ذراعاه كالحبال ذات العقد حول ظهرها؛ فترتعش ركبتاها. يتلمس فمها بفمه على طول عظمة وجنتها، أسفل جانب أنفها. لا يمكنها التنفس وشفتاه تجسان شفتيها. «أوه لا أطيق ذلك.» يبعدها عنه. تترنح لاهثة أمام الجدار الذي تجثم عليه يداه الكبيرتان.
يهمس بلطف: «لا داعي للقلق.» «يجب أن أذهب، لقد تأخر الوقت ... يجب أن أستيقظ في السادسة.» «حسنا في أي وقت تظنينني أستيقظ؟» «ربما تراني أمي ...» «قولي لها أن تذهب إلى الجحيم.» «سأفعل يوما ما ... الأسوأ من ذلك ... إذا لم تتوقف عن مراقبتي.» تمسك بوجنتيه غير المحلوقتين وتقبله سريعا في فمه وتنطلق بعيدا عنه وتركض صاعدة الطوابق الأربعة للسلم المتسخ.
لا يزال مزلاج الباب مفتوحا. تخلع حذاء الرقص وتمشي بحذر عبر المطبخ الصغير على قدمين تؤلمانها. من الغرفة التالية يأتي الشخير المزدوج المصدر الصافر لعمها وزوجته. «هناك شخص يحبني، ترى من هو ...» سرى اللحن في كامل جسدها، في رجفة قدميها، والموضع الواخز من ظهرها حيث أمسك بها بقوة ليرقص معها. عليك أن تنسي الأمر يا آنا وإلا فلن تنامي. عليك أن تنسي يا آنا. صلصلت الأطباق المعدة للإفطار على الطاولات واخزة مروعة عندما اصطدمت بها.
يأتي صوت أمها متذمرا يغلب عليه النعاس: «أذلك أنت يا آنا؟» «ذهبت لأحضر كوبا من الماء يا أمي.» تزفر المرأة العجوز ممتعضة عبر أسنانها، ويصرصر زنبرك السرير أثناء تقلبها فوقه. نائمة طوال الوقت. «هناك شخص يحبني، ترى من هو؟» تخلع فستان سهرتها وترتدي ثوب نومها. ثم تسير على أطراف أصابعها إلى الخزانة لتعلق الفستان، ثم تندس في النهاية بين الأغطية شيئا فشيئا كي لا تصدر ألواح السرير صريرا. «ترى من هو؟» جر أقدام، جر أقدام، وأضواء ساطعة، ووجوه وردية منتفخة، وأذرع قابضة، وأفخاذ مشدودة، وأقدام قافزة. «ترى من هو؟» جر أقدام، أزيز ساكسفون مطنطن، جر أقدام مع إيقاع الطبل، مزمار الترومبون، ومزمار الكلارينيت. أقدام، أفخاذ، وجنات متلاصقة، «هناك شخص يحبني ...» جر أقدام، جر أقدام. «ترى من هو؟» •••
ينام الطفل ذو الوجه والقبضتين المغلقتين الصغيرتين ببشرة وردية مع مسحة أرجوانية فوق التخت. كانت إلين متكئة على حقيبة جلدية سوداء. وكان جيمي هيرف في قميصه الذي لا يرتدي شيئا فوقه ينظر من كوة السفينة. «حسنا، ذلك تمثال الحرية ... يجب أن نخرج على ظهر العبارة يا إيلي.» «سيمر وقت طويل قبل أن نرسو ... هيا للأعلى.» «سآتي مع مارتن خلال دقيقة.» «أوه تقدمي، سنضع أغراض الطفل في الحقيبة عندما نقترب من المنزلق.»
خرجا على ظهر العبارة في سماء ظهيرة ساطعة من ظهائر سبتمبر. كانت المياه نيلية مخضرة. ظلت الرياح المستقرة تجرف لفائف من الدخان البني ولطخا من البخار الأبيض كبياض القطن عن قوس السماء النيلي الأزرق العالي المهول. أمام أفق ملطخ بالسخام، تتداخل فيه الصنادل، والبواخر، ومداخن محطات توليد الطاقة، وأرصفة الميناء المغطاة، والجسور ، كانت نيويورك السفلى عبارة عن هرم مستدق باللونين الوردي والأبيض كما لو كان مشكلا نحيفا من ورق مقوى. «يجب أن نخرج مارتن يا إيلي كي يتمكن من المشاهدة.» «ويبدأ في الصراخ كزورق قطر ... إنه أفضل حالا حيث هو.»
Неизвестная страница