وَرَابِعهَا مَا قبح لغيره لمجاورته إِيَّاه كَالْبيع وَقت النداء فالقسمان الْأَوَّلَانِ اقْتضى النَّهْي فيهمَا الْفساد وَالرَّابِع لم يقتضه وَالثَّالِث يدل على فَسَاد الْوَصْف دون الْمنْهِي عَنهُ بل يدل على صِحَّته
واستثنوا من هَذَا الْقسم الثَّالِث النَّهْي عَن الْأَفْعَال الَّتِي تدْرك حسا كَالْقَتْلِ وَالزِّنَا وَالسَّرِقَة وَشرب الْخمر فَإِنَّهَا وَإِن كَانَ النَّهْي عَنْهَا لوصفها اللَّازِم لَهَا فَهِيَ مُلْحقَة بالمنهي عَنهُ لعَينه فِي اقْتِضَاء الْفساد ثمَّ أوردوا على أنفسهم البيع الْفَاسِد وَالْإِجَارَة الْفَاسِدَة وَنَحْوهمَا فَإِنَّهُمَا يدر كَانَ بالحس أَيْضا كالزنى وَالْقَتْل وَأَجَابُوا عَن ذَلِك بِالْفرقِ بَين ذَلِك من جِهَة أَن الْقَتْل وَالْغَصْب وأمثال ذَلِك كَانَ مَعْرُوفا عِنْد أهل الْملَل كلهَا يتعاطونه من غير شرع ويعلمون قبحه بِخِلَاف البيع وَالْإِجَارَة فَإِنَّهُم وَإِن كَانُوا يتعاطون ذَلِك قبل الشَّرْع فَإِنَّمَا كَانُوا يتعاطون مُبَادلَة المَال بِالْمَالِ أَو الْمَنْفَعَة فَأَما أَن يكون بِعْت أَو اشْتريت عقدا عِنْدهم تترتب عَلَيْهِ أَحْكَام شَرْعِيَّة فَلَا بل إِنَّمَا عرفت تِلْكَ الْأَحْكَام بِالشَّرْعِ هَذَا ملخص قَوْلهم وَلَا يخفى بطلَان هَذَا الْفرق وَسَيَأْتِي بسط القَوْل فِي ذَلِك إِن شَاءَ الله تَعَالَى
فيتحصل من مَجْمُوع مَا تقدم فِي هَذِه الْمَسْأَلَة عدَّة مَذَاهِب لَا تخفى من كَلَامهم لكني أُشير إِلَيْهَا ملخصة لما فِي ذَلِك من الْفَائِدَة
الأول أَن النَّهْي يَقْتَضِي الْفساد مُطلقًا سَوَاء كَانَ عَن الشَّيْء لعَينه أَو
1 / 90