النَّهْي عَن الشَّيْء لعَينه وللازمه يَقْتَضِي الْفساد شرعا وَذكر بَقِيَّة الْمَذْهَب وَأَرَادَ بذلك نَحْو النَّهْي عَن الزِّنَا فَإِنَّهُ لدفع مَحْذُور اخْتِلَاط الْأَنْسَاب وَهُوَ لَازم لَهُ غَالِبا أَو لدفع مَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ من الأنفة وَالْحمية الَّتِي توجبها الْغيرَة وَهُوَ لَازم لَهُ أَيْضا
وَقَالَ فِي الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة النَّهْي عَن الشَّيْء لوصفه اللَّازِم كَصَوْم يَوْم الْعِيد والربا كالنهي لعَينه فَإِن مُسْتَلْزم الْحَرَام حرَام
وَلذَلِك قَالَ الشَّافِعِي رَحْمَة الله عَلَيْهِ حُرْمَة الشَّيْء لوصفه تضَاد وجوب أَصله وَهَذَا تَقْيِيد حسن وَلَا يحْتَاج بذلك أَن يَقُول ظَاهرا إِذا جعل ذَلِك مُخْتَصًّا بِالنَّهْي الَّذِي هُوَ للتَّحْرِيم كَمَا نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي فَلَا يرد نهي الْكَرَاهَة وَهَذَا التَّفْصِيل الَّذِي سلكه الْبَيْضَاوِيّ هُوَ الرَّاجِح الْمُخْتَار فِي هَذِه الْمَسْأَلَة كَمَا سَيَأْتِي تَقْرِيره إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَلم يتَعَرَّض ابْن الْحَاجِب وَمن تبعه للنَّهْي عَن الشَّيْء لغيره كَالْبيع وَقت النداء مَعَ أَن فِيهِ الْخلاف الْمُتَقَدّم عَن الْحَنَابِلَة وَغَيرهم فَهَذِهِ الطّرق الثَّلَاث هِيَ الْمَوْجُودَة فِي كتب أَصْحَابنَا فِي نقل هَذِه الْمَسْأَلَة وَمَا فِيهَا من الْخلاف
وَأما الْحَنَفِيَّة فَلهم فِي ذَلِك عبارَة أُخْرَى وَهِي فِي الْحَقِيقَة رَاجِعَة إِلَى مَا تقدم من النَّقْل عَنْهُم وَلَكِن أذكرها لما فِيهَا من الْفَائِدَة ولبيان تناقضها فِيمَا بعد إِن شَاءَ الله تَعَالَى
1 / 88