ويقال لهم: أليس الحياة من شرط صحة الإدراك بمحلها، فحياته فيه أو لا في محل، فإن كانت فيه كان محلا للعلل، وإن كانت لا في محل وجب أن لا يصح الإدراك بها، وفي ذلك قلب ذات الحياة.
ويقال لهم: ما تقولون في أمرين مثلين إذا كان لأحدهما ضد وجب أن يكون للآخر ضد أم لا؟!.
فإن قال: يجب.
قلنا: فوجب أن يجوز بياضا له ضد وبياضا لا ضد له.
وإن قال: يجب.
قلنا: إذا كان يحصل لعلومنا ضد وجب أن يكون لعلمه ضد، فوجب جواز عدمه مع كونه قديما وذلك محال.
ويقال لهم: أليس العلم به صفة لأجلها كان علما ولأجلها وجب كون العالم عالما، فلا بد من نعم، فيقال لهم: تلك الصفة واجبة للعلم أم لا؟.
فإن قالوا: واجبة.
قلنا: فهل يحتاج إلى معنى لأجله يجب؟.
فإن قالوا: لا.
قلنا: كذلك عالما لما وجب له وجب أن يحتاج إلى العلم.
ويقال له: أهو غني أم لا؟!!.
فإن قال: غني.
قلنا: أفيحتاج إلى علم به يعلم وقدرة بها يقدر وحياة بها يحيا؟! فإن كان لا يحتاج ترك قوله، وإن كان يحتاج نقض قوله: إنه غني.
قالوا: كيف يكون عالما لا علم له وذلك بخلاف الشاهد؟.
قلنا: كما صح موجود لا من موجد وإن كان بخلاف الشاهد.
ويقال: أليس في الشاهد لا يكون عالما إلا جسما وله قلب وعلم محدث، فلا بد من: بلى، فيقال: فهل في الغائب كذلك؟ فإذا قال لا، قلنا: فكذلك ما ذكرت.
ويقال: أليس الجسم في الشاهد لا يتعلق إلا بمعلوم واحد، ثم في الغائب عندك يتعلق بمعلومات كثيرة، فهلا جاز أن تكون الذات تستغني عن العلم بخلاف الشاهد، والفرق بينهما أن هذه الصفات واجبة له بخلاف الشاهد.
وإن قالوا: قولنا عالم إثبات، فماذا يثبت؟.
قلنا: الذات على صفة كقولنا موجود، وقولنا: العلم علم، والقدرة قدرة، والحياة حياة.
Страница 86