Тахким аль-Укул
تحكيم العقول في تصحيح الأصول
Жанры
فإن قالوا: النسخ يدل على البدا.
قلنا: البدا هو الظهور، ومعناه أن يظهر له شيء خفي عليه أو يخفى ما كان ظاهرا، والله تعالى عالم لذاته فلا يجوز عليه البدا، والنسخ ليس من البدا بسبيل والفرق بينهما ظاهر، فالبدا كل أمر ونهي ورد، والمأمور واحد والفعل واحد والوجه واحد والوقت واحد، فإذا تغير واحد من هذه الأربعة فلا يكون بدا بل يكون لتغير المصالح.
ويقال له: أرأيت رجلا قال لغلامه ادخل السوق بكرة غد واشتر لحم الغنم، ثم قال لغلام آخر: لا تدخل، أو قال لهذا الغلام: لا تدخل اليوم، أو قال: لا تشتر شيئا آخر، أو قال: لا تشتر لحم البقر، أيكون هذا بدا أو يكون القبيح والحسن يرجعان إلى شيء واحد؟.
فإن قال: نعم كابر، وإن قال: لا، فهذا سبيل النسخ فلا يدل على البدا.
فأما المنكرون نسخ شريعة موسى من جهة السمع، ويروون خبرا عن موسى في ذلك فلا يدرى أصادقون في ذلك أم لا، ولا يدرى لفظ الخبر حتى ينظر فيه أيقتضي ما يقولونه أم لا؟.
ثم يقال لهم: ما تقولون في موسى - عليه السلام - قال: "تمسكوا بشريعتي ولا تؤمنوا بغيري وإن كان صاحب معجز"، أو قال: "إذا لم يكن صاحب معجز"، فإن قال بالأول فقد قدح في نبوة نفسه، وإن قال بالثاني فقد وافقنا، ونحن كذا نقول، ويبقى الكلام في بيان معجزات نبينا - صلى الله عليه -.
ويقال لهم: ما الطريق إلى تصحيح هذا الخبر؟.
فإن قالوا: اليهود نقلته خلفا عن سلف.
قلنا: فاليهود كلهم لا ينقلون الخبر، بل منهم من يمنع النسخ عقلا، ومنهم من يقول: إن محمدا - صلى الله عليه وآله - نبي إلى العرب خاصة.
Страница 172