Tahdheer 'Uloom al-Hadith
تحرير علوم الحديث
Издатель
مؤسسة الريان للطباعة والنشر والتوزيع
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
Место издания
بيروت - لبنان
Жанры
صدق ﵀ في قوله؛ لأنك إذا عتبرت لم تجد بلدًا من بلدان الإسلام يخلو من فقيه أو متفقه يرجع أهل مصره إليه، ويعولون في فتاويهم عليه، وتجد الأمصار الكثيرة خالية من صاحب حديث عارف به مجتهد فيه؛ وما ذاك إلا لصعوبة علمه وعزته، وقلة من ينجب فيه من سامعيه وكتبته، وقد كان العلم في وقت البخاري غضًا طريًا، والارتسام به محبوبًا شهيًا، والدواعي إليه أكبر، والرغبة فيه أكثر، وقال هذا القول الذي حكيناه عنه، فكيف نقول في هذا الزمان مع عدم الطالب، وقلة الراغب؟ " (١).
قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: " فإن قيل: فبماذا تعرف الآثار الصحيحة والسقيمة؟ قيل: بنقد العلماء الجهابذة الذين خصهم الله ﷿ بهذه الفضيلة، ورزقهم هذه المعرفة في كل دهر ومكان " (٢).
قلت: فأبان ﵀ عن كون هذه الطائفة معتبرة بأوصافها فيما يتصل بالدراية بهذا العلم، ليست مقصورة على زمان، ولا محصورة في مكان.
وقال الخطيب: " أجمع أهل العلم على أنه لا يقبل إلا خبر العدل، كما أنه لا تقبل الشهادة العدل، ولما ثبت ذلك وجب متى لم تعرف عدالة المخبر والشاهد، أن يسأل عنهما، أو يستخبر عن أحوالهما أهل المعرفة بهما، إذ لا سبيل إلى العلم بما هما عليه إلا بالرجوع إلى قول من كان بهما عارفًا في تزكيتهما، فدل على أنه لا بد منه " (٣).
ونقد الرواة - كما تقدم في المبحث السابق - صورة استثنائية من عمومات المنع من القدح في عرض المسلم، أوجبتها ضرورة حفظ الدين.
(١) الجامع لأخلاق الراوي، للخطيب (١/ ١١٢ - ١١٣).
قلت: وماذا عسى أن يقول الخطيب لو أدرك زَمانَنا؟!
(٢) تقدمة الجرح والتعديل (ص: ٢).
(٣) الكفاية (ص: ٧٨).
1 / 204