وقد وهم في الحديث من زعم أنَّ ما ابتدعه الخلفاء الأربعة فهو سنة، ولذا قالوا: جماعة التراويح سنة؛ لأنه قد سنها عمر أحد الخلفاء، فهي داخلة تحت الحديث وهو غلط، فإن عمر ﵁ صرح بأنها بدعة (١) كما يأتي إن شاء الله في قيام رمضان.
وأما قوله: "ونعمة البدعة" (٢) فهي دعوى منه، وإلا فما في البدع ما يمدح، ولو كان ما فعلوه سنة كسنته ﷺ لما خالفهم الصحابة، فإنهم خالفوا عمر في نهيه عن متعة الحج، فتمنعوا وخالف علي ﵇ عثمان في متعة القرآن، فأهلَّ بها، وقال: سنة رسول الله ﷺ.
وبالجملة فلا يدعي أن ما سنوه كسنته ﷺ إلا جاهل، ولذا حذر بعد ذلك من محدثات الأمور فهو احتراز عن وهم أن للخلفاء سنة يشتغلون بها، بل كل ما خالف سنته ﷺ فهو من محدثات الأمور التي هي بدع وهي ضلالات، فلله در الكلام النبوي ما أشرفه وأوفاه وأسلمه عن الاشتباه.
ويحتمل: أن يراد سنتهم سيرتهم في الرعية، وقسمتهم بالسوية، وتقيدهم للشريعة النبوية في كل مسألة ظاهرة وخفية.