الانفعال بالاستيلاء على أحد أوصافه المعهودة في النص والفتوى وهي الطعم والريح واللون مما لا ريب ولا خلاف فيه والاخبار بالأولين متواترة وفى الثالث مستفيضة وان تأمل فيه بعض لعدم عثوره فيه على خبر صحيحة وفيه ان غير الصحيح قد يبلغ بالجبر مرتبة الصحيح فيكفي ما تقدم عن دعائم الاسلام مضافا إلى غير ففي الصحيح المحكي عن بصائر الدرجات بسنده عن شهاب بن عبد ربه قال أتيت أبا عبد الله (ع) أسأله فابتدأني فقال إن شئت فاسئله يا شهاب وان شئت أخبرناك بما جئت قال قلت أخبرنا جعلت فداك وساق السائل إلى أن قال جئت تسئلني عن الماء الراكد الغدير يكون فيه الجيفة أتوضأ منه أو لا قال نعم توضأ من الجانب الآخر الا ان يغلب على الماء الريح فينتن وجئت تسئلني عن الماء الراكد من البئر قال فما لم يكن فيه تغير أو ريح غالبة قلت فما التغير قال الصفرة فتوضأ ومتى كلما غلب عليه كثرة الماء فهو طاهر الخبر وذكر خصوص الصفرة لبيان اللون الحاصل من الجيفة وفى رواية العلاء بن فضيل عن الحياض يبال فيها قال لا بأس إذا غلب لون الماء لون البول وليس فيه الا محمد بن سنان وقد ذكر بعض المتأخرين قراين للاعتماد على روايته مثل رواية الاجلاء عنه خصوصا صفوان الذي لا يروى الا عن ثقة مع انجبار الضعف على تقديره بالاجماعات المستفيضة وما دل على الانفعال بمطلق التغير ففي رواية أبي بصير عن الماء النقيع تبول فيه الدواب فقال إن تغير الماء فلا تتوضأ منه وان لم يتغير بأبوالها فتوضأ منه وكل الدم إذا وكذلك في الماء وأشباهه ثم إن مقتضى اطلاق بعض الأخبار وإن كان كفاية مطلق التغير ولو بالمجاورة مثل صحيحة ابن بزيع ماء البئر واسع لا يفسده شئ الا ان يتغير ريحه أو طعمه وغيرها الا ان الظ منها ومن غيرها وقوع الاستثناء عما يلاقى الماء لا عن كل شئ فان الظ التبادر المركوز في أذهان المتشرعة من قول القائل هذا ينجس الماء أو الثوب حصول ذلك بالملاقات ولذا لم يحتمل أحد في مفهوم إذا كان الماء قدر كر لا ينجسه شئ حصول الانفعال للقليل بمجاورة النجاسة ولو خرج بعض الجيفة عن الماء وعلم استناد التغير إلى مجموع الداخل والخارج فالظاهر انفصاله لصدق تغيره بما قوع فيه ولو شك في استناده إلى خصوص أحدهما فالأصل الطهارة ولا عبرة بغير الأوصاف الثلاثة وان خالف اطلاق اخبار مطلق التغير للاجماع الظاهر المصرح به في محكى الدلايل و شرح المفاتيح واستظهر من كل من اقتصر في معقد اجماعه على الأوصاف الثلاثة مضافا إلى الحصر المستفاد من عموم الاخبار المتضمنة لبيان الثلاثة أو بعضها ولو تغير ما لا ينفعل بالملاقات كالسطح العالي المتغير بسبب وقوع النجاسة المغيرة في السافل ففي انفعاله للعمومات وعدم لأن الظاهر أن التغير انما ينجس ما يقبل الانفعال لو كان قليلا والعالي ليس كل فكأنه تغير بالمجاورة وجهان أقواهما الأول بناء على صدق الماء الواحد على المجموع وعدم انفعال بعضه العالي بملاقات السافل للنجاسة انما هو باجماع فت ثم اعلم أن المراد من صفة الماء المتغيرة أعم من صفة نوعه أعني اللون والطعم والريح الثابتة لطبيعة الماء وإن كانت طبيعة خالية عنها أو عن بعضها لكن المراد بصفاتها الطبيعة مقابل الصفات العارضة له ومن صفة صنفه كماء النفط والزاج والكبريت ومن صفة شخصه كالماء الأحمر فإذا زالت حمرته بسبب ملاقاة عين النجاسة وصار ماء صافيا فالأظهر نجاسة لحصول التغير عرف فان هذا الصفاء هو صفاء النجاسة الواقعة فيه كالبول الصافي مثلا خلافا لبعض فلم يعتد بالصفات العارضية للماء فزوالها بالنجاسة لا يوجب عنده تغيره بها حتى ينجس ووجودها لا يمنع من تنجس الماء بالنجاسة إذا كانت مغيرة له لولا هذه الصفات كما سيأتي منه والأظهر عندنا ان المستفاد من الاخبار إناطة نجاسة الماء بظهور اثر النجاسة فيه لموجب للتغيير والاستقذار وإن كان بإزالة صفاته العارضة وإناطة طهارته بعدم ظهور اثر النجاسة ولو للمانع العارضي فيه كما لو فرضت مثل الحناء الذي لونه أخضر قبل الرطوبة واحمر بعدها ومن ذلك ما لو وقعت على لون فأحدت لونا اخر كما إذا وقع لون الزرقة على الصفرة فيصير أخضر فان هذا المحسوس هي الزرقة القائمة بجسم أصفر ومن هذا القبيل الصفرة الحاصلة للماء من قليل الدم فان لو في الحمرة والبياض إذا تأثر كل منهما بالآخر فيحدث الصفرة فالاستهلاك يحصل من الطرفين توضيح ذلك أن الماء إذا خالف النجاسة في نوع اللون أو شخصه فتلونه بلونها ليس بانتقال نفس العرض منها إليه وانما هو بتلاشي اجزاء ذي اللون في الماء فترى تلك الأجزاء كالمتصل الواحد فيحصل التأثير والتاثر من الطرفين لكن قد يحصل الاستهلاك من أحدهما لغلبة اللون فيه والحاصل من تأثير الأخر ليس الا التخفيف في اللون الغالب لا إلى حد الاستهلاك فإن كان الغالب فهو ظاهر وإن كان النجاسة فهو نجس وقد يحصل الاستهلاك من الطرفين فيحصل لون ثالث كالخضرة في المثالين المذكورين وان أبيت عن صدق الاستهلاك من الطرفين سمه تأثير أو تأثر أو إما إذا ساواه في اللون نوعا وشخصا فلا يحصل استهلاك أصلا فان زيادة اللبن لا يوجب تفاوتا في البياض لاستحالة الترجيح بلا مرجح فلون كل جزء قائم بنفسه لاستهلاكه الأجزاء المساوية في اللون ثم المساواة بينهما قد يكون من جهة عدم اللون العرفي لأحدهما كما في النجاسة والماء الفاقدين اللون وإن كان الجسم لانج عن لون ولو باعتبار الأجزاء الترابية الواقعة في الماء وقد يكون من جهة ثبوت اللون العرفي المساوى وللون الأخر سواء كان اللون فيهما أو في أحدهما بحسب أصل الخلقة أو العروض عارض وحكم هذه الصور انه ان قلنا إن المعتبر في نجاسة الماء استهلاك النجاسة له بحيث يتأثر الماء فعلا تأثيرا عرفيا إذا الحقيقي لابد منه عقلا أخص الحكم بالنجاسة بالصورة الأولى أعني الاستهلاك المطلق للماء وان قلنا إن المناط تأثر الماء بالنجاسة وذهاب صفته السابقة سواء اثر هو أيضا في النجاسة وذهب بصفته السابقة
Страница 5