الأم (أيضًا): باب (هل تجب العمرة وجوب الحج؟):
قال الشَّافِعِي رحمه الله تعالى: قال الله ﵎: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) الآية.
فاختلف الناس في العمرة، فقال بعض المشرقيين: تطوع.
وقاله سعيد ابن سالم، واحتج بأن سفيان الثوري، أخبره عن معاوية بن إسحاق، عن أبي صالح الحنفي، أن رسول الله ﷺ قال: "الحج جهاد والعمرة تطوع" الحديث.
فقلتُ له: أثبت مثل هذا عن النبي ﷺ؛ فقال: هو منقطع، وهو وإن لم تثبُت به الحجة، فإن حجتنا في أنها تطوع أن الله ﷿ يقول: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) الآية.
ولم يذكر في الموضع الذي بين إيجاب الحج، إيجاب العمرة، وأنَّا لم نعلم
أحدًا من المسلمين أمِرَ بقضاء العمرة عن ميّت، فقلت له: قد يحتمل قول الله
: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) الآية، أن يكون فرضهما معًا، وفرضه إذا كان
في موضع واحد يثبت بثبوته في مواضع كثيرة، لقوله تعالى:
(وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) الآية.
ثم قال: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا (١٠٣) . الآية.
فذكرها مرة مع الصلاة، وأفرد الصلاة مرة أخرى دونها، فلم يمنع ذلك
الزكاة أن تثبت.
وليس لك حجة في قولك: لا نعلم أحدًا أمَرَ بقضاء العمرة
عن ميت إلا عليك مثلها لمن أوجب العمرة، بأن يقول: ولا نعلم من السلف