{ ثم يحييكم } بعد الموت ثم يحاسبكم. " انتهى ". وهذا الذي قدره حالا من تصديره بجملة اسمية وإضمار أنكم خبرا لمبتدأ تلك الجملة تركيب غير محتاج إليه فقد ذكرنا وقوع الماضي حالا بالواو دون قد وأنه كثير وإنما أحوجه إلى تقدير الحال جملة إسمية اعتقادان جميع الجمل مندرجة في الحال ولذلك قال البعض: القصة ماض وبعضها مستقبل والماضي والمستقبل كلاهما لا يصح أن يكون حالا حتى يكون فعلا حاضرا وقت وجود ما هو حال عنه فما الحاضر الذي وقع حالا.
قلت: هو العلم بالقصة كأنه قيل: كيف تكفرون وأنتم عالمون بهذه القصة وبأولها وآخرها. " انتهى ". ولا يتعين أن تكون جميع الجمل مندرجة في الحال ولا سيما قوله:
{ ثم يحييكم ثم إليه ترجعون } فإنهم منكرون. البعث، والحساب وهو عندهم في حيز المستحيل عقلا أو عادة والتصريح بذلك موجود عندهم في غير آية من القرآن بل الحال قوله:
{ وكنتم أموتا فأحيكم } ويكون المعنى: كيف تكفرون بالله وقد خلقكم. فعبر عن الخلق بذلك كقوله عليه السلام:
" ان تجعل لله ندا وقد خلقك "
أي أن من أوجدك بعد العدم الصرف حر أن لا تكفر به ولما كان مركوزا في الطباع وفي العقول ان لا خالق إلا الله كانت حاله تقتضي أن لا يجامع الكفر فلا يحتاج إلى تكلف ان الحال هو العلم بهذه الجملة وعلى هذا الذي شرحناه يكون قوله تعالى:
{ ثم يميتكم } إلى آخره جملا أخبر الله تعالى بها مستأنفة لا داخلة تحت الحال ولذلك غاير فيها بحرف العطف وبصيغة الفعل ما قبلها من الحرف والصيغة والتعبير عن العدم الصرف بالموت مجاز وللمفسرين هنا والمنسوبين إلى علم الحقائق أقوال اخترنا منها هذا القول وهو اختيار ابن عطية.
واختار الزمخشري أن الموت الأول كونهم نطفا في أصلاب آبائهم ثم إليه أي إلى جزائه. وقرىء ترجعون مبنيا للفاعل ومبنيا للمفعول لازما ومتعديا. ولما ذكر تعالى هذه الأطوار التي جعلها لهم ذكر امتنانه عليهم.
فقال: { هو الذي خلق لكم } أي لأجلكم.
{ ما في الأرض جميعا } عام فمنه للاعتبار ومنه للإنتفاع الدنيوي. ثم ذكر تعالى عظيم قدرته في العالم العلوي وأنه والعالم السفلي بالنسبة إلى قدرته على السواء وإن علمه محيط بكل شيء. وثم تقتضي التراخي في الزمان ولا زمان ولما كان بين خلق الأرض والسماء أعمال من جعل الرواسي والسمك وتقدير الأقوات عطف بثم إذ بين خلق الأرض وما فيها وبين الاستواء تراخ وإن لم يقع ذلك في زمان.
Неизвестная страница