[الشورى: 40] ورابط الجزاء بالشرط بتقدير حذف أي على الظالمين منهم أو بالاندراج في عموم الظالمين فكان الربط بالعموم، (قال الزمخشري): { فلا } تعتدوا على المنتهين لأن مقابلة المنتهين عدوان وظلم. فوضع قوله:
{ إلا على الظالمين } موضع على المنتهين. " انتهى ". وهذا الذي قاله لا يصح إلا على تفسير المعنى. وأما على تفسير الاعراب فلا يصح لأن المنتهين ليس مرادفا لقوله: إلا على الظالمين، لأن نفي العدوان عن المنتهين لا يدل على إثباته على الظالمين إلا بمفهوم لصفة، وفي التركيب القرآني يدل على إثباته على الظالمين بالمنطوق المحصور لنفي وإلا وفرق بين الدلالتين ويظهر من كلامه أنه أراد تفسير الاعراب، ألا ترى قوله: فوضع، قوله: إلا على الظالمين، موضع على المنتهين وهذا الوضع إنما يكون في تفسير الاعراب وليس كذلك لما بيناه من الفرق بين الدلالتين، ألا ترى فرق ما بين قولك: ما أكرم الجاهل، وما أكرم إلا العالم.
[2.194-196]
{ الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص } الآية، نزلت في عمرة القضاء عام الحديبية وكان المشركون قاتلوهم ذلك العام في الشهر الحرام هو ذو القعدة فقيل لهم عند خروجهم لعمرة القضاء وكراهيتهم القتال وذلك في ذي القعدة والشهر الحرام بالشهر الحرام أي انتهاك حرمة الشهر الحرام كائن بانتهاك حرمة الشهر الحرام وال فيهما للعهد والحرمات أي حرمة الشهر وحرمة البلد والقطان حين دخلتم وقرىء: والحرمات بضم الراء وإسكانها.
{ فمن اعتدى عليكم } هو من التدريج في أمر القتال.
{ وأنفقوا في سبيل الله } عام بالإنفاق في آلة الحرب والمقلين من المجاهدين وغير ذلك من سبيل الله.
{ ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } فسر بترك الجهاد والإخلاد إلى الراحة وإصلاح الأموال الظاهر أنهم نهوا عن كل ما يؤدي بهم إلى الهلاك في غير طاعة الله تعالى ويقال ألقى بيده إلى كذا إذا استسلم وألقى يتعدى بنفسه وجاء بالباء فقيل الباء زائدة وقيل المفعول محذوف أي ولا تلقوا أنفسكم بأيديكم أو ضمن معنى ولا تفضوا فعدى بالباء والتهلكة مصدر هلك على وزن تفعلة وهو قليل ذكر سيبويه منه النضرة واليسرة ودعوى الزمخشري أن أصلها تهلكة بكسر اللام فضمنت وأنه مصدر هلك بشد اللام لا تصح وذلك لأن فيها حملا على شاذ ودوي إبدال دليل عليه أما الحمل على الشاذ فحمله على أن أصله تفعلة ذات الضم على تفعلة ذات الكسر وجعله تهلكة مصدر الهلك المشدد اللام وفعل الصحيح اللام غير المهموز قياس مصدره أن يأتي على تفعيل نحو كسر تكسير ولا يأتي على تفعلة إلا شاذا والأولى جعل تهلكة مصدرا إذ قد جاء ذلك نحو التضرة والتسره وأما التهلكة فالأحسن أن يكون مصدر الهلك المخفف اللام لأنه بمعنى تهلكة بضم اللام وقد جاء في مصادر فعل تفعله قالوا: جل تجلة أي جلالا فلا يكون تهلكة إذ ذاك مصدر الهلك المشدد اللام وأما إبدال الضمة من الكسرة لغير علة ففي غاية الشذوذ وأما تمثيله بالجوار والجوار فلا يدعي فيه الإبدال بل بنى المصدر فيه على فعال بضم الفاء شذوذا وزعم ثعلب أنه مصدر لا نظير له غير صحيح إذ نقل سيبويه له نظيرا.
{ وأحسنوا } أمر بالإحسان ولم يقيد بمفعول فيندرج فيه كل محسن به.
{ وأتموا الحج والعمرة } أي افعلوهما كاملين من شروطهما وأفعالهما التي يتوقفان عليها وقرىء: والعمرة بالنصب على الحج فتدخل في الأمر بالإتمام وبالرفع مبتدأ وخبر فلا تدخل تحت الأمر وفروض الحج: النية، والإحرام، والطواف المتصل بالسعي، والسعي بين الصفا والمروة خلافا لأبي حنيفة، والوقوف بعرفة، والجمرة على قول ابن الماجشون، والوقوف بمزدلفة على قول الأوزاعي. وأعمال العمرة: النية، والإحرام، والطواف، والسعي.
والأمر بالإتمام لا يدل على فرضية العمرة لصحة صوم رمضان وشيئا من شوال بجامع ما اشتركا فيه من المطلوبية وان اختلفت جهتا الطلب والإحصار والحصر بمعنى واحد وهو المنع بالعدو أو بالمرض أو بغير ذلك من الموانع.
Неизвестная страница