واعلم أن للقرآن بطنا وللبطن بطن، وله ظهر وللظهر ظهر، فإذا جاءك عنهم صلوات الله عليهم شئ وله باطن فلا تنكره، لأنهم أعلم به.
يدل على هذا ما رواه صاحب شرح الآيات الباهرة عن علي بن محمد، عن محمد بن الفضيل، عن شريس، عن جابر بن يزيد قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن شئ من تفسير القرآن، فأجابني، ثم سألته ثانية فأجابني بجواب آخر! فقلت: جعلت فداك، أجبتني في هذه المسألة بجواب غير هذا. فقال لي: يا جابر، إن للقرآن بطنا وللبطن بطن، وله ظهر وللظهر ظهر، وليس شئ أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن، وإن الآية أولها في شئ وآخرها في شئ، وهو كلام متصل يتصرف عن وجوه (1).
ويؤيده ما رواه عن الشيخ أبي جعفر الطوسي بإسناده إلى الفضل بن شاذان، عن داود بن كثير قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أنتم الصلاة في كتاب الله عز وجل، وأنتم الزكاة، وأنتم الحج؟ فقال: يا داود، نحن الصلاة في كتاب الله عز وجل، ونحن الزكاة، ونحن الصيام، ونحن الحج، ونحن الشهر الحرام، ونحن البلد الحرام، ونحن كعبة الله، ونحن قبلة الله، ونحن وجه الله. قال الله تعالى: " فأينما تولوا فثم وجه الله " (2) ونحن الآيات ونحن البينات، وعدونا في كتاب الله عز وجل الفحشاء، والمنكر، والبغي، والخمر، والميسر، والأنصاب، والأزلام، والأصنام، والأوثان، والجبت، والطاغوت، والميتة، والدم، ولحم الخنزير، يا داود إن الله خلقنا وأكرم خلقنا، وفضلنا وجعلنا امناءه وحفظته وخزانه على ما في السماوات وما في الأرض، وجعل لنا أضدادا وأعداء، فسمانا في كتابه، وكنى عن أسمائنا بأحسن الأسماء وأحبها إليه وإلى عبادة المتقين (3).
Страница 22