319

Тафсир Кабир

التفسير الكبير

Жанры

قوله عز وجل: { لله ما في السموت وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله }؛ اختلف المفسرون في هذه الآية؛ فقال قوم: هي خاصة؛ واختلفوا في خصوصها، فقال بعضهم: نزلت في كتمان الشهادة وإقامتها. يعني { وإن تبدوا ما في أنفسكم } أيها الشهود من كتمان الشهادة أو تخفوا الكتمان { يحاسبكم به الله }. وهذا قول الشعبي وعكرمة، ورواية مجاهد عن ابن عباس، يدل عليه قوله تعالى فيما قبلها:

ولا تكتموا الشهدة

[البقرة: 283] الآية.

وذهب بعضهم إلى أنها عامة في الشهادة وفي غيرها، ثم اختلفوا في وجه عمومها؛ فقال بعضهم: هي منسوخة.

" وروي أنه لما نزلت هذه الآية جاء أبو بكر وعمر وعبدالرحمن بن عوف ومعاذ بن جبل وناس من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فجثوا على الركب وقالوا: يا رسول الله، ما نزل علينا آية أشد من هذه؛ إن أحدنا ليحدث نفسه بما لا يحب أن يثبت في قلبه - يعني يحدث نفسه بأمر من المعصية ثم لا يعمل بها - وإنا لمؤاخذون بما تحدث به نفوسنا إذا هلكنا؟ فقال صلى الله عليه وسلم: " هكذا نزلت " ، فقالوا: كلفنا من العمل ما لا نطيق، فقال صلى الله عليه وسلم: " أفتقولون كما قالت اليهود: سمعنا وعصينا؟! " فقالوا: بل سمعنا وأطعنا يا رسول الله. واشتد عليهم ذلك ؛ فمكثوا حولا، فأنزل الله عز وجل: { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } فنسخت ما قبلها. فقال صلى الله عليه وسلم: " إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم يعملوا أو يتكلموا به "

وهذا قول ابن مسعود وأبي هريرة وعائشة برواية ابن جبير وعطاء وابن سيرين وقتادة والكلبي وشيبان.

وقال بعضهم: لا يجوز أن تكون هذه الآية منسوخة؛ لأنها خبر من عند الله؛ والخبر لا يحتمل النسخ؛ لأنه خلف؛ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، لكن المراد بالآية إظهار العمل وإخفاؤه. وقال الربيع: (هذه الآية محكمة لم ينسخها شيء، فإن الله تعالى يعرف عبده يوم القيامة، يقول: إنك أخفيت في صدرك كذا وكذا، يحاسبه على ما أسر وأعلن من حركة في جوارحه وهمه في قلبه، فهكذا يصنع بكل عباده، ثم يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء).

وقيل: لا يؤاخذ المؤمن بما حاسبه من ذلك، فمعناه: وإن تظهروا ما في أنفسكم من المعاصي أو تضمروا إرادتها في أنفسكم فتخفوها { يحاسبكم به الله } أي يخبركم بها ويحاسبكم عليها، ثم يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء، وهذا قول الحسن والربيع ورواية الضحاك عن ابن عباس، يدل عليه قوله تعالى:

ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا

[الإسراء: 36].

Неизвестная страница