ورفعناه مكانا عليا
[مريم: 57].
قوله تعالى: { وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس }؛ أي أعطيناه الدلالات على إثبات نبوته من إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى والإنباء بما غاب عنه، { وأيدناه بروح القدس } أي قويناه وأعناه بجبريل الطاهر حين أرادوا قتله حتى رفعه الله إلى السماء. وقال الحسن: (الروح جبريل، والقدس هو الله تعالى؛ فيصير تقدير الآية: وقويناه بروح الله تعالى). وعن ابن عباس أنه قال: (القدس اسم الله الأعظم الذي كان به عيسى عليه السلام يحيي الموتى).
قوله تعالى: { ولو شآء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جآءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر }؛ أي لو شاء الله لم يقتتل الذين من بعد الرسل من بعد ما وضحت لهم الحجج والدلائل كما قال تعالى:
ولو شآء الله لجمعهم على الهدى
[الأنعام: 35]. وقيل: معناه: ولو شاء الله لأنزل آية تضطرهم إلى الإيمان وتمنعهم عن الكفر كما قال تعالى:
إن نشأ ننزل عليهم من السمآء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين
[الشعراء: 4].
وقوله تعالى: { ولكن اختلفوا } أي شاء اختلافهم فاختلفوا. ويقال: لم يلجئهم إلى الإيمان؛ لأن التكليف لا يحسن مع الضرورة، والجزاء لا يحسن إلا مع التلجئة. قوله تعالى: { ومنهم من كفر } أي بالكتب والرسل.
قوله تعالى: { ولو شآء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد }؛ أي ولو شاء الله لم يقتتلوا مع اختلافهم بأن يأمر المؤمنين بالكف عن القتال، وبأن يلجئهم جميعا إلى ترك القتال، { ولكن الله يفعل ما يريد } من تقدير الاتفاق والاختلاف وغير ذلك من ما توجبه الحكمة.
Неизвестная страница