قال جالينوس: أما قوله «يغذو سريعا» فينبغي أن يفهم (426) أنه عنى به أن يكون طبعها (427) أن يغذو بعد تناولها بوقت يسير (428) وحين (429) يتناول . وإنما (430) يمتحن طبعها في الصحيح الذي لا يذم من صحته شيء. وأما قوله «دفعة» فعنى به أن يكون بعد أن يبتدئ أن (431) يغذو توفى (432) البدن غذاءها (433) كله في زمان يسير. فهذه الأشياء من قبل هذا المعنى (434) الذي وصفنا وحده أعني أنها تغذو سريعا دفعة (435) يكون نفوذها أيضا (436) وخروجها سريعا. فإن كان (437) فيها حدة يهيج بها البدن لدفعها وقذفها أو لزوجة تحتبس فيها وتبقى زمانا أطول كانت تلك إلى الخروج أسرع. وكانت هذه أبطأ (438) وأبلغ الأشياء كلها في أن تغذو سريعا دفعة النبيذ، ومن أولى الأشياء بأن يغذو بأبطأ قليلا (439) قليلا لحم البقر ولحم الصدف المسمى قخليص وما أشبهه مما هو (440) في البحر مما PageVW0P121B هو (441) صلب اللحم ومما طبيعته شبيهة بطبيعة هذه الأشياء (442) الجبن الصلب واللحمان المملوحة والعدس والبيض الذي قد سلق (443) حتى اشتد وصلب. فإن جميع هذه الأشياء إنما تغذو بعد تناولها بزمان طويل قليلا (444) قليلا. ومما (445) يستدل به على أن (446) الشيء الذي ورد على البدن (447) قد غذاه: أما من قبل (448) النبض فمن شدة قوته (449) وعظمه، وأما من الحركة الإرادية فزيادة قوة تحدث للذي (450) اغتذى. وأولى من (451) اختبرت فيه أمرها من قد ضعفت وانحلت قوة إما لاستفراغ ماء (452) محسوس وإما لتعب وإما لإمساك عن الطعام. وعند (453) تناول جميع ما (454) تقدمنا بذكره يكون نزول ما ينزل من البطن بطيئا أعني بعد تناول تلك الأشياء بهذه طويلة وعند تناول إضدادها يكون خروج ما يخرج سريعا وأشد الأشياء مضادة لها هو النبيذ وهو كما قلنا أسرع من جميع الأشياء غذاء، ثم تتوالي من بعده أشياء آخر أنا ذاكرها على نظام ملخص، أولا أمر الأنبذة. فأقول (455) إن ما كان منها مائيا فهو أقلها (456) غذاء البدن والنبيذ المائي هو ما كان لونه أبيض وكان قوامه رقيقا، وما كان من الأنبذة غليظا أحمر فغذاءه للبدن أكثر كثيرا من غذاء (457) المائي إلا أن ما ينال منه البدن من الغذاء ينقص عما ينال من الشراب الأسود بحسب ما يفصل (458) عليه في سرعة غذائه للبدن دفعة. وما كان من الأنبذة أبيض لكنه غليظ فهو أقل غذاء من الأحمر الغليظ (459) وهو أكثر غذاء من الأبيض الرقيق وليس يغذو سريعا ولا دفعة. وبحسب اختلاف الأنبذة وتفاضلها فيما وصفنا PageVW0P122A يكون اختلافها (460) أيضا في سرعة خروجها PageVW6P031A وإبطائه. فإن الشراب المائي يخرج بالبول أسرع مما يخرج سائر الأشربة (461) لسرعة نفاذه كله (462) إلا اليسير. وأما (463) سائر الأنبذة (464) التي ينحدر منها شيء بين (465) فيخرج مع البراز، فعلى حسب مقدار زمان غذائها للبدن يكون زمان خروجها. وكذلك الحال في سائر الأشياء التي تتناول. فإن ماء كشك الشعير يرى (466) يغذو البدن بعد تناوله بمدة ليست بطويلة (467) إلا أنه ليس ينال البدن منه غذاء كثيرا والغذاء الذي ينال البدن منه يكون في زمان يسير دفعة. فأما الحسو المتخذ من دقيق الحنطة فليس ينيل البدن غذاء دفعة ولا غذاءه يسير لكنه يغذو البدن في زمان طويل غذاء كثيرا. وقد يحتاج إلى (468) أن تكون الأشياء التي يقاس بينها في هذا الباب في قوام واحد ولا يكون بينها في ذلك اختلاف (469). وهذا القول في الشريطة في كل ما احتيج إلي (470) أن يقاس بينه وبين (471) أشباهه (472) مما يتخذ من الجوارس والباقلي ومن (473) غيرهما من الثمار. فأما اللحمان فينبغي أن تكون المقايسة بينها في القوام على حدة والمقايسة بينهما في كيفية الصنعة على حدة حتى يكون اللحمان الذان يقاس بينهما إما مستويان (474) جميعا على مثال واحد وإما مطبوخان (475) جميعا طبخا واحدا. وينبغي أن ينتزع (476) مما يعالج بالصنعة رطوبة لذاعة إن كانت فيه (477) كما يفعل بالكرنب والكثير (478) من الجرب (479) لتصح لنا محنة الجوهر الذي يغذو على حفة وصدفة وانتزاع تلك الرطوبة يكون بأن يطبخ في ماء ثم ينقل منه إلى ماء (480) غيره. فإن أنت بعد PageVW0P122B تحديدك هذه الأشياء كلها امتحنت (481) الأشياء التي تغذو وامحنه استقصاء، وجدت ما كان منها يغذو في زمان يسير وهو المعنى الذي ذهب إليه في قوله «دفعة» وبعد أن يتناول بهذه يسيرة وهو المعنى الذي ذهب إليه في قوله «سريعا» فخروجه أيضا يكون سريعا إذا كان البدنان الذان يرد عليهما الطعامان على حال واحدة. فإن هذا أيضا مما يببغي أن يشترط (482) في جميع هذه الأشياء وأشباههما. ووجدت ما هو على ضد ذلك يكون خروجه أيضا (483) بطيئا. وأما العلة في هذا فتقدر أن تعرفها مما قد بيناه (484) في كتاب القوى الطبيعية فقد بينا أن المعدة تحظى هي (485) أولا من الطعام فتجتذب منه أوفقها لها فتوعيه بين طبقاتها فإذا استوفت وتملأت منه دفعته (486) عنها فانحدر. وبينا أن اجتذاب الكبد للغذاء إذا كانت (487) بها إلى الغذاء حاجة في هذا الوقت يكون. فإن لم يكن بها حاجة إليه استعملت ما كان فيها متقدما. وعلى هذا القياس يجذب (488) البدن كله أيضا من الكبد إذا عدم الغذاء أيضا البدن (489) واحتاج إليه. ولذلك أجود ما يكون امتحان ما كان من الأغذية يغذو سريعا دفعة فيمن كان بدنه كله فارغا، وما كان كذلك من الغذاء فله كما قلنا أن يكون خروجه بالبراز أسرع بحسب ما توجبه (490) تلك الحال. وقد قال قوم إنه إنما أراد بالخروج بالاستفراغ من البدن البتة حتى يكون ما قاله أبقراط في هذا الموضع هو ما قاله في كتابه (491) PageVW6P031B في الغذاء حين قال إن ما (492) كان من الغذاء بطيء PageVW0P123A الاستحالة فهو بطيء التحلل وما كان منه سريع الاستحالة فهو سريع التحلل فهذا القول حق (493) من أصح ما قيل ولكن كان اسم الخروج ليس بمطابق لهذا المعنى لأن أكثر ما يقال هذه اللفظة على خروج ما يخرج (494) من البطن وقد يمكن أن نفهم منها الخروج من البدن كله فلحم الخزير وكلما يولد (495) كيموسا غليظا لزجا فتحلله (496) من البدن يكون بعد زمان طويل. وأما البقول والسمك الصخري (497) وكلما كان بالجملة الكيموس المتولد منه (498) رقيقا لطيفا فهو يفوق الأول (499) في سرعة (500) النفوذ إلى (501) البدن والزيادة (502) فيه إلا أن طبيعته طبيعة لا بقاء لها لكنه يتحلل (503) سريعا (504).
19
[aphorism]
Страница 490