قال جالينوس: إن أبقراط * عنى (3) بالوجع في هذا الموضع الضرر * ويدل (4) على ذلك ما وصفه بإزائه من القول. وذلك أنه قال إذا كان * النوم (5) * ينفع (6) فليس ذلك من علامات الموت. والضرر الذي يحدثه النوم ضربان أحدهما عام وهو الحادث عند نوم المريض في ابتداء نوائب الحمى والآخر خاص في بعض الأمراض وهو الحادث عند نوم المريض في غير * وقت (7) ابتداء النوائب، فينبغي أن يفهم عن أبقراط أنه يعني في هذا * الموضع (8) هذا الضرر الخاص، لأن الأول لا يدل على * الموت (9) ولا على غيره من المكروه وإنما هو تابع * لطبيعة (10) ذلك الوقت، لأن الحرارة كلها والكيموسات تميل إلى عمق البدن في ابتداء النوائب كما قد أخبرنا أبقراط * لا (11) سيما PageVW6P024A فيمن تعرض له قشعريرة أو نافض أو برد شديد في ظاهر بدنه. ولذلك إذا نام هذا * المريض (12) في ابتداء النوبة تطاولت مدة هذه الأعراض ولم تنته حماه منتهاها إلا بعد كد. فإن كان به ورم في بعض أحشائه زاد وحق له أن يزيد، وإن كانت * تتجلب (13) إلى معدته بعض الكيموسات فليس ضرره إنما لا تنضج كما تنضج في غير هذا من أوقات النوم فقط لكنها مع ذلك تكون أزيد كثيرا * وتبقى (14) غير * نضيجة (15) . ولذلك تقدم إلى المريض في الانتباه في ذلك الوقت ليقاوم ميل الروح والدم والحرارة التي معها إلى ظاهر البدن الكائن * بالانتباه (16) ميلها إلى عمق البدن الحادث بسبب ابتداء النوبة ويعد ذلك من أعظم ما يداويهم به. PageVW0P112A ولقائل أن يقول إن الضرر في ذلك الوقت إنما يكون من طبيعة النوبة إلا * أن (17) الانتباه ينعض منه، فإذا عدم المريض الانتباه كان ما يحدث له من الضرر * أبين (18) لا أنه يزداد ضررا * بسبب (19) النوم لكنه إنما يعدم الانتفاع باليقظة. وهذا القول بين أنه ليس يعرض من النوم ضرر ولا في ابتداء النوائب لكنه إنما يعرض عدم الانتفاع فقط. وأما القول الآخر وهو قول من يقول إن النوم قد يحدث ضررا في * هذا (20) الوقت فإن صاحبه يقول إن كلام أبقراط في هذا الموضع إنما هو في النوم الكائن في غير ابتداء نوائب الحمى من سائر أوقاتها، وقد ينفع ذلك النوم في أكثر الأمر نفعا بينا ولاسيما إذا كان النوم في وقت انحطاط نومة الحمى. فإن النوم قد ينفع كثيرا منفعة بينة وإذا كان في وقت منتهى نوبة * الحمى (21) ، وربما نفع أيضا إذا كان في آخر تزيد النوبة بالقرب من المنتهى، إلا أن أعظم منتفعته أبينها إنما تكون في وقت * انحطاط (22) نوبة الحمى. وإذا * ضر (23) النوم أيضا فإنه إن كان في وقت منتهى النوبة أو في وقت تزيدها فدلالته على الهلاك أقل، وإن كان في وقت الانحطاط فدلالته على * الهلاك (24) أقوى ما تكون. وذلك أن كل شيء من * هذه (25) الأشياء إذا وجد في * الوقت (26) الذي تكون منقعته فيه أبلغ ما تكون لا تنفع ثم تجاوز ذلك إلى المضرة، فواجب أن يدل على الموت. ومضار النوم هي إضداد منافعة وهي أن لا تنقض من الحمى * بل (27) تزيد فيها وأن تزيد في الوجع وأن يكثر سيلان ما * يسيل (28) إلى بعض * نواحي (29) البدن وأن تزيد في * الأورام (30) . وربما عرض للمريض أن يتكلم في نومه كلاما مختلطا وإذا انتبه من * نومه (31) بقي مدة طويلة ليس معه عقله. وربما حدث لبعضهم في * نومه (32) ابتداء السبات ولا ينتبه من نومه إذا أحرك إلا بكد. وهذه الأشياء PageVW0P112B كلها تعرض من قبل خبث الكيموسات ورداءتها. وذلك أنه متى كانت الحرارة الغريزية التي في البدن أقوى من * الكيموسات (33) وأقهر * أنضجتها (34) في وقت النوم، وإذا PageVW6P024B كانت الحرارة الغريزية أضعف من * الكيموس (35) غلبت الكيموسات الحرارة الغريزية لأن الحرارة الغريزية أضعف، وإذا كانت الحرارة الغريزية أقوى غلبت الكيموسات، ومتى غلبت الكيموسات على الأحشاء وثقلت عرض للمريض ما وصفنا من الأعراض. فإن أبقراط * قد (36) يرى أن ظاهر البدن في وقت الانتباه أسخن وأن الحال في * وقت (37) النوم على ضد ذلك ويخبر أن رأيه رأى غيره من أكثر أصحاب الطبائع وهو أن الانتباه والنوم إنما يكونان بقدر ميل الحرارة العريزية إلى ظاهر البدن وإلى باطنه. فيجب إذا اجتمعت الحرارة الغريزية في الأحشاء فلم تقو على غلبة العلل الفاعلة للمريض أن يدل * ذلك (38) على الهلاك. فأما إذا هيء قهرتها فليس ذلك بعد مما يدل على ثقة صحيحة إلا أن يقول قائل إن من قبل * هذه (39) الحال قد يجب * أن (40) يسلم المريض ويمكن أن يهلك ليست حال أخرى. وذلك أنه * إن (41) عرض للمريض ورم في بعض أعضائه اشريفة من الأورام التي يعسر انحلالها فقد يمكن أن يموت من كانت هذه حاله، والأصلح * إذن (42) أن يقال * (43) إنه إذا كان النوم يحدث ضررا فتلك علامة من علامات الموت، وإذا كان النوم يحدث منفعة فليس * ذلك (44) بعلامة من علامات الموت. وقد * ذكر (45) أبقراط في * كتاب (46) أبيديميا أيضا على أنه قد يحدث من النوم مضار حين قال إن * كثيرا (47) من هؤلاء قد * يعرض (48) لهم سبات واختلاط ومنهم من * كان (49) يعرض له ذلك من * قبل (50) نوم نيامه.
2
[aphorism]
Страница 456