296

Тафсир Баян ас-Саада

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

Жанры

{ أولئك الذين آتيناهم الكتاب } قد يراد به النبوة فانها انتقاش القلب بالاحكام الآلهية وقد يراد به الرسالة فانها انتقاش الصدر بالاحكام الآلهية والكتاب التدوينى صورة ذلك والمراد به هنا المعنى الثانى { والحكم } بمعنى الحكمة التى هي الدقة فى العلم المستتبع للاتقان فى العمل وهى مسببة عن الولاية والمراد بها هنا الولاية { والنبوة } يعنى انا تفضلنا عليهم بالمراتب الثلاث التى لا كمال اتم منها { فإن يكفر بها } اى بالمراتب الثلاث { هؤلاء } يعنى انهم مقرون بالمذكورين فان كان اقرارهم لاجل اتصافهم بتلك المراتب فينبغى ان يقروا بك ايضا لاتصافك بها، وان كان اقرارهم لاشخاصهم البشرية مع كفرهم بتلك المراتب ولذا كفروا بك فلا يضرونها شيئا { فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين } وهم اهل بيت محمد (ص) واتباعهم وقد قيل: انهم ابناء الفرس.

[6.90]

{ أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده } الهاء للسكت، امره تعالى مع كمال مرتبته وجلالة قدره بالاقتداء تعظيما لشأن الاقتداء وترغيبا للامة عليه فانه لا يمكن خروج نفس من ظلمات اهويتها ومضيق سجنها الا بالاقتداء والارادة التى هى التولى وقبول الولاية والانقياد لولى الامر ولذلك ورد: لو ان عبدا عبد الله تحت الميزاب سبعين خريفا قائما ليله صائما نهاره ولم يكن له ولاية ولى امره (وفى خبر) ولاية على بن ابى طالب لاكبه الله على منخريه فى النار، ونقل عن الصادق (ع): لا طريق للاكياس من المؤمنين اسلم من الاقتداء لانه المنهج الاوضح والمقصد الاصح، قال الله تعالى لأعز خلقه محمد (ص): { أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده } ، فلو كان لدين الله مسلك اقوم من الاقتداء لندب اولياءه وانبياءه اليه، ويجوز ان يكون الخطاب عاما لكل من يتأتى منه الخطاب { قل } لهؤلاء الكافرين برسالتك { لا أسألكم عليه } اى على التبليغ { أجرا } حتى يثقل عليكم فتكفروا برسالتى { إن هو إلا ذكرى } عظة { للعالمين } فمن شاء اتعظ ومن شاء كفر لكنهم لا يتعظون وجهلوا الله وقيوميته.

[6.91-92]

{ وما قدروا الله حق قدره } حتى يعلموا سعة رحمته وكمال حكمته ورأفته بخلقه وان الرسالة غاية لطف منه بالخلق { إذ قالوا مآ أنزل الله على بشر من شيء } وانكروا لطفه وحكمته فى ارسال الرسول { قل } لهم نقضا عليهم { من أنزل الكتاب الذي جآء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس } تجزئونه { تبدونها وتخفون كثيرا } يعنى انهم يبدون مالا يظهر فيه رسالتك ويخفون ما فيه رسالتك، وكذا يبدون ما يوافق هويتهم ويخفون ما لا يوافقها، وهو تعريض بأمته (ص) حيث يبدون بعده من الكتاب ما يوافق أهويتهم ويخفون ما لا يوافقها { وعلمتم } بذلك الكتاب { ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم } من احكام الشرع وآداب المعاش والمعاد { قل الله } ان لم يجيبوا لك وبهتوا لانهم لا جواب لهم سواه، ويحتمل ان يكون هذا مستأنفا غير مرتبط بالسؤال ويكون المقصود امره (ص) بالمداومة على ذكر الله حالا وقالا والاعراض عنهم { ثم ذرهم في خوضهم } فى ظلمات اهويتهم ولجج آمالهم بحيث لم يتمكنوا من تصديقك وداموا على تكذيبك { يلعبون وهذا كتاب أنزلناه } مثل كتاب موسى (ع) { مبارك } جعل فيه البركة لمن تعلمه وعمل به ودام على قراءته { مصدق الذي بين يديه } من الكتب التى قبله لتذكر به { ولتنذر أم القرى } مكة والصدر وصاحب الصدر { ومن حولها } من اهل الشرق والغرب فى الصغير والكبير ولما كان المراد بمن حولها من سكن الدنيا بالنسبة الى الملكوتين السفلى والعليا صح تفسيره بمن فى الارض { والذين يؤمنون بالآخرة } اى مذعنون بها { يؤمنون به } يعنى يذعنون بالكتاب وانه من الله وحق وصدق لانه صورة الآخرة ومن اذعن بالآخرة اشتاق اليها، ومن اشتاق اليها اذعن وصدق بكل ما فيه ذكرها، وليس فى الكتاب الا ذكرها، ومن اذعن بالآخرة والكتاب آمن بعلى (ع) لان الآخرة والكتاب صورتا على (ع) كما ان بشريته صورته، ومن آمن به صار مصليا حقيقة ومن صار مصليا حقيقة شغله لذة الصلوة عن كل لذة فهم لا يفارقونها { وهم على صلاتهم يحافظون } اضافه الصلوة اليهم للاشارة الى انه كان لكل صلوة مخصوصة هى روح صلوتهم القالبية المشتركة بين الكل.

[6.93]

{ ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ومن قال سأنزل مثل مآ أنزل الله } نزول الآية مشهور وفى التفاسير مسطور، من انها فى عبد الله بن ابى سرح وانه قدم المدينة واسلم وكان له خط حسن وكان اذا نزل الوحى على رسول الله (ص) دعاه فيكتب ما يمليه رسول الله (ص) وكان يبدل الكلمة مكان كلمة بمعناها وكان رسول الله (ص) يقول

" هو واحد "

فارتد كافرا ولحق بمكة وهدر رسول الله (ص) يوم فتح مكة دمه وعثمان التمس العفو منه (ص) فصار من الطلقاء، لكن المقصود والتأويل فى اعداء على (ع) حيث ادعوا الخلافة لانفسهم ويجرى فى من نصب نفسه للمحاكمة بين الخلق او للفتيا وبيان احكامهم من غير نص واجازة من الرسول (ص) بلا واسطة أو بواسطة، فان حكم مثله وفتياه افتراء على الله ولو اصاب الحق فقد أخطأ وليتبوأ مقعده من النار وليست الاجازة الالهية باقل من الاجازة الشيطانية التى عليها مدار تأثيرات مناطرهم ونفخاتهم ولذلك ورد عنهم (ع): هذا مجلس لا يجلس فيه الا نبى او وصى او شقى، اشارة الى مجلس القضاء وليس الوصى الا من نص المنصوص عليه على وصايته، وكانت سلسلة الاجازة بين الفقهاء كثر الله امثالهم والعرفاء رضوان الله عليهم مضبوطة محفوظة وكان لهم كثير اهتمام بالاجازة وحفظها، حتى انهم كانوا لا يتكلمون بشيء من الاحكام ولا يحكمون على احد بل لا يقرأون شيئا من الادعية والاوراد من غير اجازة، وقد نقل العياشى عن الباقر (ع) فى تفسير الآية انه قال: من ادعى الامامة دون الامام { ولو ترى إذ الظالمون } للامام او لانفسهم بالافتراء على الله بقرينة ما يأتى من قوله بما كنتم تقولون على الله غير الحق، اشارة الى الافتراء وبقرينة { وكنتم عن آياته تستكبرون } اشارة الى الانحراف عن الاوصياء والظلم لهم، فالمعنى لو ترى اذ الظالمون للامام او لاتباعه او لانفسهم او للخلق بادعاء الامامة او الحكومة بين الناس والفتيا لهم من غير اجازة { في غمرات الموت } وشدائدها التى تغمر عقولهم وتدهشهم بحيث يغشى عليهم { والملائكة باسطوا أيديهم } لقبض ارواحهم قائلين { أخرجوا أنفسكم } غيظا عليهم { اليوم } متعلق باخرجوا او بتجزون والجملة جزؤ مقول الملائكة او استيناف من الله كأنه صرف الخطاب عن الرسول (ص) وخاطبهم بنفسه وقال اليوم { تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون } فالويل لمن اعرض عن المنصوصين وادعى الرأى والفتيا لنفسه من غير نص من المنصوصين.

[6.94]

Неизвестная страница