213

Тафсир Баян ас-Саада

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

Жанры

خذوا زينتكم عند كل مسجد

[الأعراف:31] وقال:

وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا

[الجن:18] وما يدخل من نفخة على (ع) فى القلب وهو الايمان الداخل فى القلب، وما يؤخذ من صاحب الاجازة الالهية من الذكر الجلى والخفى، وما يؤخذ من صاحب الاجازة من الصلوة القالبية كلها صلوة، وما يبينه صاحب القلب الذى صار قلبه متصفا بالصلوة من حيث ذلك الاتصاف كالمساجد هو ايضا صلوة كما انه بيت الله، فمن اخذ الصلوة القالبية من امثاله واقرانه او آبائه ومعلميه من غير تقليد عالم مجاز لم يكن علمه مقبولا ولو كان موافقا، وهكذا حال من تسرع الى الاذكار والاوراد ومن تسرع الى الذكر القلبى من غير اذن واجازة من شيخ مجاز لم ينتفع به ولم يكن صلوته صلوة حقيقة ولا عبادته عبادة، وقد ورد اخبار كثيرة فى ان العبادة بدون الولاية غير مقبولة ومردودة والولاية وقبولها عبارة عما يحصل بسببه الاجازة فى العبادة وكأنه تعالى اراد بالصلوة جميع معانيها بمثل عموم المجاز والاشتراك ولذلك قال: لا تقربوا؛ ليناسب جميع معانيها دون لا تدخلوا لئلا يتوهم ارادة بعض المعانى الدانية منه والنهى اعم من الحرمة والكراهة والنزاهة ولا اختصاص له بشيء منها واستعماله فى الموارد المخصوصة بحسب القرائن فى الحرمة او الكراهة لا ينافى عموم مفهومه.

تحقيق معنى السكر

{ وأنتم سكارى } قرئ بضم السين وفتحها جمعا وكهلكى جمعا او مفردا على ان يكون صفة لجماعة مقدرة وكحبلى مفردا، والسكر من السكر بمعنى السد ويسمى الحالة الحاصلة من استعمال شيء من المسكرات سكرا لسدها طرق تصرف العقل فى القوى وطرق انقياد القوى للعقل، ولا اختصاص لها بالخمر العنبية المعروفة بل كل ما يحصل منه تلك الحالة شربا او اكلا او تدخينا او غير ذلك فهو خمر النفس سواء حصل منه السكر المعروف كالفقاع والعصيرات المتخذة من غير العنب وكالبنج والجرس والافيون اولا كالحرص والامل والحب والشهوة والغضب والحسد والبخل والغم والفرح والنعاس والكسل الغالبة بحيث يغلب مقتضاها على مقتضى العقل بل الحالة الحاصلة المانعة من نفاذ حكم العقل وتدبيره سكر النفس من اى شيء ومن اى سبب حصلت، وقد اشير فى الاخبار الى تعميم السكر ففى خبر فى بيان الآية: لا تقم الى الصلوة متكاسلا ولا متناعسا ولا متثاقلا فانها من خلال النفاق، وفى خبر منه سكر النوم، ومنها سكر الشهوة الغالبة التى لا يفيق صاحبها عنه الا بقضائها، ويسمى الحالة الحاصلة بعد قضاء الشهوة من تدنس النفس بدنس الشهوة وتكدرها بكدورات الحيوانية، وتوغلها فى صفات البهائم جنابة، ولا اختصاص لتلك الحالة بشهوة خاصة بل كلما يدنس الانسان ويوغلها فى الحيوانية والبهيمية او السبعية فهو جنابة النفس حتى تفيقوا من سكركم { وتعلموا ما تقولون } لفظة ما استفهامية او موصولة او موصوفة يعنى حتى تعلموا الذى تقولون فلا تحرفوا الكلم عن مواضعه ولا تغيروه عن الصورة التى نزل عليها كما قيل: انها نزلت حين قرأ بعض الصحابة فى الصلوة حالة السكر، اعبد ما تعبدون ولما كان المتبادر من السكر سكر الخمر والمستفاد من الآية جواز هذا السكر وعدم جواز الدخول فى الصلوة معه ورد انها نسخت من حيث هذا الجواز المستفاد، ولما كان محض الافاقة من سكر النفس من دون رفع اثر التدنس منها غير مبيحة للقرب من الصلوة اضاف اليه قوله تعالى { ولا جنبا } يعنى لا تقربوا المساجد بالدخول فيها حرمة او كراهة، ولا تدخلوا فى الصلوة القالبية بمعنى انها لا تنعقد منكم ولا تقربوا الصلوة الحقيقية التى هى اذكاركم القلبية وافكاركم المثالية التى هى مثل مشايخكم ولا تقربوا قلوبكم وعقولكم التى هى قربانكم وصلوتكم ان كان لكم قلب وعقل ولا تقربوا الصلوات الحقيقية التى هى خلفاء الله فى ارضه جنبا يعنى فى حالة تدنسكم بادناس شهوات النفوس وغضباتها وفى حالة توغلكم فى عقباتها حتى لا تدنسوا الصلوات بادناس نفوسكم { إلا عابري سبيل } مطلقا فى المسجد الصورى او بشرط التيمم للدخول فى الصلوة القالبية او بشرط التيمم المعنوى للدخول فى الصلوات المعنوية { حتى تغتسلوا } بان تغمسوا ابدانكم فى الماء حتى تزيلوا ادناس ظواهر ابدانكم التى حصل عليها من الابخرة الغليظة الردية العفنة التى حصلت فى بشرتكم وسدت مسام ابدانكم التى بسببها ترويح ارواحكم الحيوانية وفى بقائها على ابدانكم احتمال امراض عديدة وحتى تتنبهوا من الاغتسال الظاهر وتنتقلوا الى لزوم اغتسال نفوسكم من ادناس رذائلكم بماء التوبة والانابة الى ربكم فتغمسوا انفسكم فى الماء الطهور الذى يجرى عليكم من عين الولاية التكوينية والتكليفية { وإن كنتم مرضى } بعد ما علم تعميم السكر من الاخبار سهل تعميم الجنابة، وبعد تعميم الجنابة سهل تعميم الفقرات المذكورة فى هذه الآية، وجملة الشرط والجزاء معطوفة باعتبار المعنى فان المعنى يا ايها الذين آمنوا ان كنتم سكارى فلا تقربوا الصلوة حتى تعلموا ما تقولون، وان كنتم جنبا فلا تقربوها حتى تغتسلوا، وان كنتم مرضى يعنى حين ارادة قرب الصلوة او حين الجنابة وارادة الاغتسال والاخير هو المتبادر من سوق العبارة وهذا المتبادر يدل على قصد العموم من الفقرات كما ان عدم التقييد بشيء منهما يدل ايضا على قصد العموم وان المراد ان كنتم مبتلين بالامراض البدنية المانعة من استعمال الماء الصورى او من طلبه وتحصيله، او بالامراض النفسانية المانعة من الغسل بماء الولاية او من طلبه وتحصيله فتيمموا واقصدوا تراب الذلة والمسكنة عند الله الذى هو اطيب من كل طيب بعد ماء الولاية، واقصدوا ترابا من وجه الارض طاهرا واظهروا اثر تراب الذل على وجوهكم المعنوية باظهار تضرعكم وخشوعكم وتبصبصكم عند ربكم، واثر تراب الارض الصورية على مقاديم ابدانكم { أو } ان كنتم { على سفر } يتعذر عليكم فيه استعمال الماء او تحصيله سواء كان سفركم فى الارض الصورية او فى طرق النفس للخروج من ديار الشرك التى هى ديار النفس فانكم مادمتم متحيرين فى طرق النفس اما لا تتذكرون بماء الولاية ولا تتمكنون من تحصيله او لا يليق بكم الاغتسال بعد فيه لتضرركم به { أو جآء أحد منكم من الغآئط } الغائط المنخفضة من الارض كانوا يقصدونها للنجو فكنى به عنه ولم يقل او على الغائط ليكون اوفق بسابقه واخصر لان من كان على الغائط لم يصح منه صلوة اصلا ولا يرد الصلوة ولم يقل، او على المجيء من الغائط لانه داخل فى قوله على السفر بلحاظ التأويل، ولم يقل اوجئتم من الغائط ليوافق السابق واللاحق فى المرفوع لارادة العموم البدلى من احد حتى يصح الحكم بحسب التنزيل وللاشارة الى ان كل واحد منكم جماعة واذا وقع واحد منكم او من قواكم وجنودكم فى سفل النفس ووهدتها فما دام هو فى تلك الوهدة كان حالكم حال السكران الذى لا يليق به قرب الصلوة اصلا، واذا انصرف من جهنام النفس كان حالكم حال الجنب المفيق من شهوة الفرج لكن لا يليق بكم استعمال ماء الولاية او لا تصلون اليه واذا اريد تصحيح ظاهر التنزيل يجعل او ههنا بمعنى الواو حتى لا يلزم جعل ما هو جزء الشرط قسيما له { أو لامستم النسآء } كناية عن المجامعة يعنى ان جامعتموهن وخالطتم نفوسكم باتباع مقتضياتها فلا يليق بكم استعمال الماء او لا تصلون اليه { فلم تجدوا مآء } للاستعمال بان لم تجدوه او تجدوه ولا تتمكنوا من استعماله، او المراد عدم وجدان الماء ويكون تعذر استعمال الماء غير مذكور مثل سائر مجملات القرآن { فتيمموا } يم وام بمعنى قصد اى فاقصدوا { صعيدا } اى ترابا او وجه ارض على خلاف فى معناه اللغوى { طيبا } اى طاهرا او مباحا وعلى اختلاف تفسير الصعيد اختلفوا فى جواز التيمم على الحجر والوحل، وان كان المراد بالصعيد مطلق وجه الارض فالآتية فى سورة المائدة تدل على عدم جواز التيمم بما ليس فيه غبار مثل الحجر الصلد والوحل حيث قال تعالى هناك: { فامسحوا بوجوهكم وأيديكم } منه والاخبار تدل على جواز التيمم بالتراب ثم بما فيه غبار من اللبد وعرف الفرس وغيرهما، ثم بالوحل ثم الحجر لكن تدل على ان التيمم بغير التراب انما هو من باب الاضطرار { فامسحوا بوجوهكم } اى بعض وجوهكم وهذا من المجملات التى بينوها لنا { وأيديكم } عطف على وجوهكم اى بعض ايديكم وقد بينوها لنا ولم يدعونا حيارى لا ندرى اى شيء الممسوح، ولا حاجة لنا الى ان يقول كل منا بقول وان نجعل هوانا آلهنا والحمد لله رب العالمين { إن الله كان عفوا } يعنى رخص الله لكم القرب من الصلوة مع تدنسكم بادناس الطبيعة والنفوس من دون اغتسال ابدانكم بالماء الصورى ومن دون اغتسال نفوسكم بالماء المعنوى بشرط ظهور تراب الذل والمسكنة على مقاديم ابدانكم ومقاديم نفوسكم لانه كان عفوا كثير العفو عن عباده وتقصيراتهم وقصوراتهم، فلا يؤاخذكم بتدنسكم بادناس النفس والطبع والهوى { غفورا } يستر عليكم ما يبقى عليكم من اثر دنس الهوى فلا يطردكم عن حضرته بسبب ذنوبكم.

[4.44]

{ ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا } حظا يسيرا { من الكتاب } اى كتاب النبوة بان دخلوا فى شريعة وقبلوا دعوة نبى دعوته الظاهرة مثل اليهود والنصارى والمسلمين الذين بايعوا محمدا (ص) بالبيعة العامة النبوية بان لا يخالفوا قوله ويطيعوا امره ونهيه وان كان نزول الآية فى احبار اليهود فالمقصود منافقوا الامة تعريضا الذين انحرفوا عن طريق الولاية ومنعوا غيرهم والآية تعجيب من حالهم التى كانوا عليها لان النصيب من الكتاب يقتضى الاهتداء الى اصحاب الكتاب والبيعة معهم وقبول ولايتهم لان الاسلام طريق الى الايمان وبه يهتدى اليه وذلك قال تعالى { يشترون الضلالة } والخروج من طريق الولاية وطريق القلب بالهدى الذى يحصل لهم من ظاهر اسلامهم لانه بضاعتهم المكتسبة من اسلامهم و { بالهدى } الذى هو فطرتهم ولا يقنعون به { ويريدون أن تضلوا } ايها المؤمنون عن { السبيل } الذى انتم عليه من ولاية على (ع).

[4.45]

{ والله أعلم } منكم { بأعدائكم } فلا تتخذوا كل من اظهر بلسانه محبتكم وولايتكم اولياء بل اكتفوا بولاية الله فى مظاهر اوليائه الذين امركم الله بولايتهم { وكفى بالله } فى مظاهره { وليا وكفى بالله نصيرا } فلا تطلبوا الولاية والنصرة من غير من امركم الله ورسوله (ص) بقبول ولايته وهو على (ع) واصرفوا وجوه قلوبكم عمن امركم بالصرف عنه.

Неизвестная страница