152

Тафсир Баян ас-Саада

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

Жанры

[النجم: 8] يعنى انتهى فى دنوه حتى لم يبق له الا التدلى الذى هو ذاته والا فالتدلى كان له من اول وجوده، وقولهم: القيد كفر ولو بالله؛ اشارة الى ان ذات الانسان تعلق محض من دون ضميمة قيد اليها وكلما ضم اليه قيد من القيود ولو كان تقيدا بالله اقتضى ذلك القيد الاثنينية والاستقلال فى الوجود وحجبه عن ذاته وعن مشاهدة ربه، وهذا بخلاف سائر الموجودات الامكانية فانها كلها متحددات بحدود مخصوصة يكون كمالها ببلوغها الى تلك الحدود ووقوفها فى تلك المواقف واستقلالها بحدودها فهى وان كان مقتضية للتعلق لكن التعلق فيها مختفية تحت التحدد والاستبداد وكانت ارباب انواعها تحت رب نوع الانسان لتحددها واطلاقه ولما كانت تلك اللطيفة بذاتها مقتضية للتعلق وكان التكليف مطابقا للتكوين امروا العباد بالاقتداء والتعلم والإتمام والطاعة وذكروا ان طاعة الامام اصل كل الخيرات فانه نسب الى ابى جعفر (ع) انه قال: زروة الامر وسنامه ومفتاحه وباب الاشياء ورضى الرحمن تبارك وتعالى الطاعة للامام بعد معرفته ثم قال: ان الله تبارك وتعالى يقول:

من يطع الرسول فقد أطاع الله

[النساء: 80]؛ وفى هذا المعنى اخبار كثيرة. ونسب الى على (ع) انه قال: اعلموا ان صحبة العالم واتباعه دين يدان الله به، وطاعته مكسبة للحسنات، ممحاة للسيئات، وذخيرة للمؤمنين ، ورفعة فيهم فى حياتهم، وحبل بعد مماتهم، بل ورد فى اخبار كثيرة صراحة واشارة الى ان لا خير ولا حسنة لغير المطيع، ولا ذنب للمطيع، وان اتى غير العارف المطيع للامام بجميع اعمال الخير والعارف المطيع بجميع اعمال الشر، والاخبار الدالة

" على ان من مات ولم يكن له امام مات ميتة الجاهليته او ميتة كفر "

؛ تدل على فضل الطاعة للامام، ولذلك امر الانبياء اممهم اول دعوتهم بالتقوى التى هى قبل الاسلام ثم بالطاعة لهم وقال الكبار من المشايخ (ره): ان كنت تحت طاعة عبد حبشى كان خيرا لك من ان تكون تحت طاعة نفسك، وقال الفقهاء رضوان الله عليهم: من عمل من المقلدين بطاعة ربه من غير تقليد لعالم وقته وكان عمله مطابقا لحكم الله كان باطلا غير مقبول او كان مقصرا فى ترك التقليد، والاخبار الدالة على وجوب طلب العلم مثل:

" طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة "

، ومثل:

" لو يعلم الناس ما فى طلب العلم لطلبوه ولو بسفك المهج وخوض اللجج "

والاخبار الدالة على ان اصناف الناس ثلاثة: عالم ومتعلم وغثاء، او همج، او سواقط، كلها تدل على وجوب الطاعة فان العلم على التحقيق ليس بمحض انتقاش النفوس بنقوش المحسوسات والمظنونات والمعلومات، بل هو من شؤن النفوس وفعلياتها فى طريق الانسان لان انتقاش النفوس بنقوش المدركات وفعلياتها وشؤنها اذا لم تكن فى طريق الانسان بل كانت فى طريق الشيطان او الحيوان لم يكن علما بل يسمى جهلا عند اهل الله، والحق انه لا يحصل فعلية فى طريق الانسان بعد بلوغ الانسان مبلغ الرجال الا باتباع صاحب الطريق وطاعته، فان الانسان لا توجه له اختيارا من اول طفوليته الا الى البهيمية والسبعية، واذا بلغ اوان التكليف يزداد عليهما الشيطنة وان كان يحصل له حينئذ زاجر الهى ايضا لكن الزاجر الالهى يكون فى غاية الضعف وهذه الثلاثة فى غاية القوة ولا يمكنه الخلاص من حكومة هذه والسير على الطريق المستقيم الانسانى الا بالتمسك بولاية صاحب الولاية التى هى العروة الوثقى التى لا انفصام لها، وقوله تعالى

ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس

Неизвестная страница